لم تحظ شخصية الديكتاتور بينيتو موسوليني بالتمثيل السينمائي المناسب، مقارنة بغيره من الطغاة. بعد محاولات عدة من بينها أفلام تلفزيونية وتسجيلية تتناول سيرة الفاشي الإيطالي، يأتي المخرج الإيطالي المخضرم ماركو بيلوكيو ليقدم دراما قوية عن الرجل الذي حكم إيطاليا لعقدين. في Vincere، لا يعتمد بيلوكيو على تقديم خط درامي ثابت يؤرخ لسيرة موسوليني، بل يقدم فيلماً عن القوة والجنون وعبادة الشخصية من خلال اعتماده قصة إيدا دالسر، عشيقة الدوتشي وزوجته الأولى التي كانت نهايتها المصح النفسي.في الشريط الذي تنافس على سعفة «كان» عام 2009، يؤدي فيليبو تيمي ببراعة دور الديكتاتور الإيطالي في بداية قوية للفيلم: موسوليني الناشط الاشتراكي يزرع الفوضى في أحد الاجتماعات، بعدما تحدّى الموجودين بعدم وجود الخالق. في الاجتماع أيضاً، تلمحه إيدا (جيوفانا ميزوجيورنو). تتطوّر العلاقة بينهما في موازاة صعود موسوليني إلى الحكم وهيمنته على المجتمع الإيطالي. الهيمنة هي أحد الجوانب المهمة التي يضيء عليها الفيلم؛ إذ نشاهد تعلّق إيدا ببينيتو وقد باعت كل ما تملك لتمول صحيفته الجديدة، رغم تغيير موسوليني لأفكاره السياسية. وهو ما يحرص بيلوكيو على إبرازه من نظرات بينيتو السارحة أثناء ممارسته الجنس مع إيدا، في إشارة إلى فوقيته الجنونية... وأيضاً في بيئته السياسية من خلال إصراره على خوض الحرب وتخليه عن خلفيته صحافياً وناشطاً اشتراكياً وتبنيه الفاشية اليمينية.
الجنون إذاً ثيمة رئيسية في الفيلم. بين جنون السلطة عند موسوليني وجنون عبادة الشخصية لإيدا وابنها. يمكن القول إنّ بيلوكيو قسم الفيلم إلى جزءين: في الجزء الأول يركز على شخصية موسوليني، بينما في القسم الثاني يتراجع تمثيل الشخصية إلى الخلفية لمصلحة إيدا ومن حوله. هنا يزيد بيلوكيو من استخدام اللقطات الأرشيفية المتوافرة التي توثق لمرحلة حكم موسوليني، ما يمنح الفيلم توازناً جمالياً وتوثيقياً مقابل الأحداث المتخيلة من حياة إيدا. بيلوكيو يقدم هنا عملاً فنياً متميزاً، يعد أحد أهم الأفلام السياسية التي أنتجتها إيطاليا أخيراً.

Vincere: صالات «بلانيت» ــــ للاستعلام: 01/292192