القاهرة | «بثّ اضطراري من الدوحة، إلى حين عودة بثّ «الجزيرة مباشر مصر» من القاهرة». منذ مساء أول من أمس، بدأت هذه العبارة تمرّ على شاشة القناة القطرية، بعدما قُطع بثها من العاصمة المصرية؛ إذ دهمت قوة من رجال مباحث المصنّفات الفنية مقر القناة في القاهرة، وصادروا جهاز البث المباشر «بسبب عدم حصول المحطة على ترخيص»، إلى جانب «شكوى من سكّان المبنى الذي تبثّ منه الذين عبروا عن انزعاجهم من الفضائية».
إذاً توقّف بث «الجزيرة مباشر مصر» التي كانت تنقل كل الأحداث المصرية على نحو متواصل، منذ انطلاقها في آذار (مارس) الماضي. وكانت المحطة الوحيدة التي نقلت لحظة بلحظة التحرّك المصري أمام السفارة الإسرائيلية، ثم هدم السور العازل مساء الجمعة الماضي. يومها، لم تقدّم أي قناة مصرية خاصة أو حكومية التغطية نفسها، اللهمّ باستثناء «النيل للأخبار» التي أذاعت أخباراً منقولة عن الوكالات الأجنبية.
لكن مكافأة فريق عمل «الجزيرة مباشر مصر» على تغطيته الممتازة جاءت بطريقة عكسية، إذ ألقي القبض على مسؤول عن وحدة البثّ في المحطة إسلام البنا، وتعرّض المكتب لعملية دهم أمني. وقد أكّد مدير القناة أحمد زين أن المحطة تعمل بالفعل من دون تراخيص؛ «لأن الطلب الذي قدمناه للترخيص لم يُبتّ وقتها. وقال لنا أحد الموظفين الحكوميين أن ننطلق في البث بانتظار انتهاء الإجراءات القانونية». وبالفعل بدأت المحطة عملها من دون أن تتذكّر الجهات الحكومية والأمنية أن «الجزيرة مباشر مصر» لم تحصل على ترخيص بعد. وجاء قطع البثّ مفاجئاً، إذ لم تلجأ الجهات المعنية إلى توجيه إنذار مكتوب أو شفهي للمحطة، بل جرى ذلك تعسفاً من دون مقدمات. هكذا رأى بعضهم أن القرار سياسي بامتياز، وهو ما كرّره حتى المعارضون لأداء هذه القناة، فرفضوا أن تلجأ السلطات المصرية إلى هذه التصرّفات القمعية.
وكانت المحطة قد انطلقت بعد أسابيع من تنحي حسني مبارك على أساس أن الحراك الذي سيشهده الشارع المصري يحتاج إلى قناة مستقلة عن «الجزيرة مباشر». ونجحت هذه الفضائية في تكوين قاعدة جماهيرية عريضة بسبب تغطيتها لمعظم الأحداث الساخنة وتوافر عدد كبير من المراسلين العاملين على الأرض، إلى جانب ظهور كل الأطراف السياسية على شاشتها. لكن ذلك لم يمنع البعض من اتهامها بالانحياز إلى خيارات جماعة «الإخوان المسلمين» السياسية والغياب على نحو متعمد عن تغطيات المليونيات التي لا تشارك فيها الجماعة.
من جهة أخرى، يذكر أن إحدى أبرز الإعلاميات في القناة، قد تعرّضت الأسبوع الماضي لسرقة سيارتها من أمام «مدينة الإنتاج الإعلامي» في خطوة إعتبرها بعضهم أنّها تندرج ضمن إطار التهويل والتضييق على المحطة.



عودة إلى الوراء؟

هل بدأت سياسة التضييق على الإعلام في مصر؟ وهل تحاول الحكومة المصرية إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، واعتماد سياسة إعلامية شبيهة بتلك التي اعتمدها نظام مبارك؟ أسئلة كثيرة طرحها ناشطون مصريون على موقع فايسبوك، تعليقاً على قرار وقف بثّ قناة «الجزيرة مباشر مصر». ورأى بعضهم أن السبب الحقيقي كان تغطية المحطة لأحداث السفارة الإسرائيلية، أو ما يعرف بـ«تصحيح المسار». وكتب أحدهم أن «من أعطى ضوءاً أخضر لبناء سور عازل يحمي سفارة الاحتلال، لن يعجبه نقل غضب الشعب المصري مباشرة على الهواء».