عمّان | في نسخته الرابعة، يعوّل «مهرجان حكايا» على أصحاب التجارب المستوحاة من «الربيع العربي»، ويتّكئ على مجموعة من الحكواتية ينهلون من ثقافات وبيئات وخبرات متمايزة، مع الاقتناع بأن للحكاية ألقاً سيزيّن العاصمة الأردنيّة حتى العشرين من الشهر الجاري. تقول مديرة برنامج «حكايا» ريم أبو كشك إنّ «رياح التغيير التي تعصف بعالمنا جعلت المهرجان يشرك حكايات شخصية لمن غُيِّب صوتهم طويلاً»، لتؤكد اقتناع «حكايا» الثابت بأن «القصص جوهر الوجود الإنساني».
من هذا المنطلق، المهرجان الذي ينظّمه «مسرح البلد» والملتقى التربوي العربي وشبكة «حكايا» هو تجمّع لكل الذين يؤمنون بأنّ «الحكايات تعطي معنى أعمق لحياتنا، وتشكّل نظرتنا إلى العالم ومشاعرنا ووعينا».
اختارت لجنة المهرجان عرضاً مصرياً للافتتاح: مساء 13 الحالي، كنا على موعد مع «المسرح البديل» من الإسكندرية التي قدّمت عرضها «نوستالجيا» في «مركز الحسين الثقافي». العمل محاولة لإعادة الروح إلى عالم آفل عبر تأريخ الكاتب والمخرج محمود أبو دومة لأماكن وأزمنة تلاشت في سعي لإعادة تجسيد النسق الأخلاقي والعقائدي لصعيد مصر. وتقدم المهرجان الحكواتية اللبنانية الشابة سابين شقير لتنقل «من باب لباب، أخبار وسواليف» ضمن مشروعُ حكي ينظر في أرشيف الذكريات الشخصية لمواطنين لبنانيين، سعياً إلى منح إعادة الاعتبار إلى التفاصيل العادية التي تعكس أيضاً عملية تطور المجتمع.
ولأن الصوت الأعلى هو للثورات العربية، و«لأن ما تنقله القنوات الإخبارية من تونس ومصر لا يمنح اللحظات التي عايشتها الشعوب حقها من الوصف» كما يقول المنظّمون، جاء المهرجان هذه السنة بالرواة والحكواتيين حاملين للجمهور كل الأمل الذي ينضح به الشارع العربي، رغم مطبّاته الكثيرة.
هكذا، حمل الحكواتي بلقاسم بلحاج علي شيئاً من حرية تونس إلى عمّان، وصوّر تجربته في ثورة الكرامة من خلال عرضه «قالت الجازية». ومن ميدان التحرير، يوثّق أسامة حلمي قصصاً من «ثورة 25 يناير». ويكتمل مشهد الثورة في «حكايا» بمعرض صور مرفقة بتسجيلات لحكايا الثوار من مصر وتونس في «دار الأندى» في عمّان (19/9).
ولعلّ المحطة التي يستحقّ الوقوف عندها هي ورشة «منامات في أزمنة الثورات» بوصفها تجربة لها وقعها الخاص في المهرجان. فكرة المحاضر في قسم الفنون المسرحية في الجامعة الأردنية، فادي سكيكر، تقوم على متابعة مجموعة شبان طوال أسبوع ورصد تفاعلهم مع أخبار الثورات العربية قبل النوم، والكتابة عن أحلامهم فور استيقاظهم. ثم سنراهم يرتجلون حكايا وحركات ونصوصاً من وحي الخبرات السريالية التي مروا بها.
تحضر فلسطين بقوة في المهرجان من خلال فعاليات «لنتذكر فلسطين»، من خلال عرض «ما تيسّر من سيرة شيخ مشقّق الوجه»، الذي هو عبارة عن قصص تحكي النكبة يقدمها سلمان ناطور. ويحكي عرض «ذياب» بأداء علاء حليحل قصة متخيلة لـ ذياب ابن غانم الذي يحاول تحرير فلسطين وحيداً. وتحكي فرقة «خراريف» الشبابية جزءاً من الموروث الغنائي الشعبي الفلسطيني، وتضيء فرقة «مسرح الحارة» على المنازل التي هجرها اللاجئون قسراً وما استقر فيها من قصص تبقي الصراع على الأرض حياً...
ويختتم المهرجان بالعرض الأول للنسخة العربية من «ذكرى» الذي أعدّه المخرج البلجيكي رودي موليمانس عام 2008. هنا شهادات أصدقاء وزوجات قياديين فلسطينيين اغتيلوا في السبعينيات والثمانينيات في أوروبا: محمود الهمشري، وعز الدين القلق، ونعيم خضر. وقد وضع العمل في إطار يعبّر عن العلاقة الوثيقة بين ما واجهته القضية الفلسطينية في السبعينيات، وما يحدث اليوم.



«مهرجان حكايا»: حتى 20 أيلول (سبتمبر) ــــ عمان والمحافظات ــــ للاستعلام: 0096265687557
http://hakaya.org/calendar