آنَ التقيتُ عالية ممدوح في باريس، مصادفةً، وعلى غيرِ موعدٍ، قالت لي من دون مقدّمات: ارفعْ رأسك!إن لم ترفعْ رأسك الآن، فلسوف تنحني غداً!
قلتُ: رأيك سليم تماماً، لكن عليّ أن أجد وسيلة!
فكّرت، وتفكّرت، وأرهقت نفسي بحثاً عن وسيلةٍ تحفظني رافعَ الرأسِ، منتصبَ القامة.
أخيراً، قلت لعالية: وجدتُها!
تساءلتْ: أوجدتَها حقّاً؟
قلت: وجدتُها وربِّ الكعبة!

■ ■ ■

الأمرُ بسيط:
عليّ أن أقلِّدَ العقيد معمر القذافي.
أن أرخي قلنسوتي إرخاءً على عينيّ، لتمتنع عليّ الرؤية إن لم أرفع رأسي.

عليّ أن أرفع رأسي لأرى!
هكذا، سأسير منتصب القامة
واثقَ الخطوة، أمشي ملكاً!

■ ■ ■

أوّل تطبيقي كان في جادة الشانزليزيه. كان نثيث من مطر خفيف، والباريسيّاتُ لم يفتحنَ مظلاتهنّ بعد. قلنسوتي مرخاةٌ على جبهتي، وعليّ أن أرفعَ رأسي لأرى ما حولي، ومن حولي: الباريسيّات بخاصة!
كنتُ أمشي منتصبَ القامة، رافع الرأس، وإنْ وجدتُ صعوبةً أوّليّةً في التلاؤمِ مع المعطى الجديد.

■ ■ ■

أنا مدين للعقيد!
حاولَ الرجلُ أن يظلّ منتصبَ القامة، فوجدَ الوسيلةَ المثلى في إرخاء قلنسوته العسكرية.
ليته بحثَ عن وسائلَ أجدى لنفسه ولشعبه كي يظل منتصبَ القامةِ مع شعب حُرٍّ!
لكن الغرب الاستعماريّ لن يغفرَ للعقيد حتى رفعةَ الرأسِ المصطنَعة تلك!
الغربُ الاستعماريّ يسحقُ هذه الأمّةَ المنكودة بالقنابل والقنادر...
حتى الدنمارك أرسلتْ طائراتِها لتهدمَ طرابلس على رؤوسِ أهلِها
والعقيدُ القذّافي واحدٌ من أبناء هذه الأمّة.

■ ■ ■

سأظلُّ مَديناً للرجلِ برفعة الرأس وانتصابِ القامةِ!
(باريس، ٨/ ٩/ ٢٠١١)