دمشق | حلقات قليلة من مسلسل «سوق الورق» كانت كافية كي يسقط القناع عن هشاشة الإدارة الحالية لـ«جامعة دمشق». استشاطت الأخيرة غضباً من العمل، وحاولت إيقافه والتقليل من شأنه، إلا أن كل المحاولات باءت بالفشل، بما أن العمل نال كل الموافقات الرقابية، وجذب الجمهور، كما أنه من إنتاج القطاع العام في سوريا، وقد عرض على محطّتَين سوريَّتَين («الدنيا»، و«سوريا دراما»). لكن يبدو أن كل ذلك لم يثنِ إدارة «جامعة دمشق» عن الانتقام من العمل الذي كتبته آراء الجرماني، وأخرجه أحمد إبراهيم أحمد، فمارست ضغوطاً عدة على كاتبة المسلسل، على اعتبار أنها طالبة في الجامعة. هكذا أجّلت الإدارة موعد مناقشة الجرماني لرسالة الدكتوراه في الأدب العربي وتحديداً في النقد السيميائي. ثم استدعتها إلى مكاتبها لتوبيخها. وبعد ذلك، أعدّت رداً هاجمت فيه الجهات الإعلامية التي تدخّلت لانتقاد سلوك الجامعة.
كذلك نشرت صحيفة «البعث» تحقيقاً رصدت فيه آراء بعض الأساتذة الجامعيين عن العمل، فبدا بعضها سطحياً لا يمتّ إلى اللغة النقدية بأي صلة، لكن الأمور لم تقف عند هذا الحدّ. انطلق نقاشٌ محتدم حول المسلسل في إحدى جلسات «مؤتمر الحوار الوطني» ـــــ تستضيفه «جامعة دمشق» ـــــ وسرعان ما تحوّل النقاش إلى ما يشبه العراك. هكذا قرّرت إدارة الجامعة إصدار قرار سريع يقضي بـ... إحالة آراء الجرماني على لجنة انضباط بناءً على القرار رقم (602) د. ج. تاريخ 19\ 8\ 2011 الصادر عن الجامعة. وقد عُمِّم الأحد الماضي تمهيداً لفصلها من الجامعة من دون أي سبب مقنع، إذ لا وجود لأي مادة قانونية تسمح للجامعة بإحالة أحد الطلاب على لجنة انضباط بسبب كتابته مسلسلاً أو تعبيره عن رأيه.
في حديثها مع «الأخبار»، أعلنت الجرماني أن «قانون الطالب الجامعي» ينص حرفياً على أنه: «يحال الطالب على لجنة انضباط على أن يكون قد قام بفعل يخلُّ بالآداب العامة داخل الجامعة، مثل الغش أو انتحال شخصية». وتضيف «لم أقم بأي شيء من هذا القبيل، وهم يعلمون ذلك بدقة، وخصوصاً أن التهمة الموجّهة إليّ هي أنني أثير الفتنة بين الطالب والأستاذ من خلال مسلسلي. وقد توعدوا بتربية كل من يحاول الإساءة إلى جامعة دمشق». وتكشف أنها سبق أن تلقّت اتصالاً من أحد الموظفين في الجامعة يفيد بأن هناك محاولة «لإيجاد صيغة مناسبة لفصلي من الجامعة، ويبدو أنهم استقروا على فكرة إحالتي على لجنة انضباط».
باختصار، يمكن تلخيص الموضوع بأن السيناريست الشابة التي أرادت أن تعري جزءاً من الفساد الذي تغرق فيه جامعة دمشق، وقد عايشه معظم الطلاب السوريين، قوبلت برد صارخ يريد أن يسلبها جهد سنين، ويحرمها مناقشة رسالة الدكتوراه، علماً أن إدارة الجامعة تستفيد من حالة الفوضى التي تعم سوريا، من دون أن يتمكن أحد حتى الآن من ردعها.