تتكرّر شكاوى المواطنين السوريين من الأجهزة اللبنانية. الاتهامات نفسها: شتائم، «رفس»، بطء في إنجاز المعاملات، وعلى هذا المنوال. وبمجرد زيارة باحة الأمن العام اللبناني عند نقطة المصنع الحدودية الرسمية، يلاحظ تدفّق مئات العمال السوريين العائدين من سوريا، بعد عطلة عيد الفطر. يصطفّون «طوابير» في باحة الأمن العام، بانتظار نيلهم تأشيرة الدخول من قبل الموظفين القلائل، فليس هناك «مكننة». زحمة هائلة لم تصل إلى حدود الهجرة بعد، اضطرت خلال الأسبوعين الأخيرين الأمن العام إلى الاستعانة بالجيش اللبناني، للمساعدة في تنظيم حركة الوافدين. ولكن، يتحدث السوريون عن «إساءة وسباب للزائر من دون تمييز بين كبير وصغير». مثلاً، يشتكي العامل السوري يزن م. العائد هو وعائلته من إحدى القرى في محافظة درعا، من معاملة عناصر الأمن العام والجيش له، أثناء انتظاره أمام باب القاعة المخصصة لوسم تأشيرات الدخول إلى لبنان، قائلاً : «ما بكفّي إني انتظرت شي ساعتين بعين الشمس، إلا إنو العناصر طمرونا بلطفهم، مسبّات وتدفيش». حال عصام ح. لا تختلف، إذ «نال نصيبه من الشتائم واللكم». يسأل عصام: «نحن شو ذنبنا حتى نتبهدل. القاعة صغيرة وعدد الموظفين قليل. مو عيب الواحد ينطر ساعتين ونص، وإذا انحشر ما في حمام؟».
أما أم علاء حسيب، الآتية إلى لبنان هي وجميع أولادها، لأول مرّة لها، ما كانت تظن أن تكون معاملة عناصر «الهجرة والجيش في لبنان هيك، كنت مفكرتهم راقيين». فهي الهاربة من دوما في ريف دمشق، قالت «يا عيب الشوم ما حدا سأل ليش جايي، وإذا عاوزي شي. ما سمعت إلا مسبّات وشتائم للرجال». بدوره، نال المواطن السبعيني قاسم أحمد لكمة من أحد العناصر المخوّلين التنظيم. وفيما يعبر حسام ص. الحاجز، يلعن الظروف التي «جعلته بحاجة إلى العمل في لبنان، ويقبل الإهانة على مسمعه من دون العودة أدراجه».
ورداً على شكاوى النازحين السوريين، قال أحد مسؤولي الأمن العام اللبناني، في حديث مع «الأخبار»، إن المشكلة تكمن «في ضغط القادمين من سوريا في أوقات محددة في النهار، إذ يتوجّس المواطنون السوريون من التنقّل ليلاً»، ليصبح الضغط خلال خمس ساعات بين العاشرة صباحاً والثالثة بعد الظهر من كل يوم، وخلال هذا الوقت على الموظفين أن يقوموا بالتأشير لنحو 7 آلاف حتى 10 آلاف قادم يومياً، في أوقات النهار. وكان عطل في أحد أجهزة الكمبيوتر قد أربك الموظفين قبل إصلاحه. ولم يستبعد المسؤول الأمني حدوث تجاوزات من قبل بعض العناصر «قلال الأخلاق» نتيجة الضغوط، متمنياً على أي مواطن لبناني أو سوري أو عربي أو أجنبي، تعرض للمضايقات أو للسباب والرفس والتدفيش أو الرشوة من قبل الموظفين، أن يتقدم «إلى المديرية ويعرض الأمر على المسؤولين المباشرين عن هذه النقطة، لتجري محاسبة أي عنصر مهما علت رتبته، على أي مخالفة يرتكبها بحق العابرين»، رافضاً إهانة أي مواطن على الأراضي اللبنانية.
وفي سياق مختلف، نفى المصدر أن تكون الزحمة ناتجة من عمليات نزوح من سوريا: «في بعض العمال جابوا عيالهم، خاصة في الأماكن التي تشهد توتراً. ربما هناك حالات نزوح فردية، إلا أنها ليست سبباً في الضغط».