العنف والقبح والاستلاب، أضلاع مثلث يجمع تجارب أربعة تشكيليين سوريين شباب، هم: مهند عرابي، أسامة دياب، قيس سلمان ونهاد الترك. في المعرض المشترك الذي تستضيفه «غاليري أيام» في دمشق، تحت عنوان «2012»، ترخي اللحظة السورية الراهنة ظلالها على اللون والخط والنبرة، ولكن من موقعٍ مضاد. ذلك أن أعمال هؤلاء الشباب تصب في سياق «فضح المؤامرة». العلم الأميركي حاضر في ثنايا الأعمال، بوصفه محرّكاً ومحرضاً للاحتجاجات. وتالياً، فإن العنف بضاعة مستوردة، صنعتها الميديا المعادية. تستعير هذه المشهديات روح الملصق الدعائي في مواكبتها ليوميات الانتفاضة السورية. أميركا في أعمال قيس سلمان امرأة قبيحة، وجسد مترهل بثياب داخلية مخرّمة، وجنازير وأسلحة، تفضح عريها. أما المرآة التي تفصل بين عمل وآخر، فهي إشارة إلى موقف المتلقي مما يرى، ومحاكمة للذات.
فيما يستعير أسامة دياب شخصيات من الرسوم المتحركة تتصارع في ما بينها، في زورق يوشك على الغرق، مستخدماً ورق الجدران الهش. وتتطور هذه الدراما المستعارة إلى عنف فكري لحشو دماغ الآخر بأوهام مصطنعة. من جهته، يقترح مهند عرابي خريطة تزدحم بوجوه أطفال من مختلف أنحاء العالم يجللها العلم الأميركي. وفي عملٍ آخر، تضع امرأة عصبة فوق إحدى عينيها، كإشارة إلى الانحياز وغياب العدالة الدولية. نهاد الترك يضع مسوخه أمام مصائر مجهولة، تترقب ما يحدث حولها برعب. كما نتوقف أمام شجرة عتيقة، محشوة بساعات معطّلة، كأن الزمن السوري توقف هنا وحسب.
لن نجد إذاً، تنافراً في رؤى هؤلاء التشكيليين الشباب، بخصوص الأحداث التي تعصف بالبلاد. على العكس تماماً، هناك انحياز واضح للخطاب الرسمي ومرجعياته الإعلامية، ومساهمة في تعزيز هذه النظرة التي تنفي ما هو مضاد لها، أو حتى الوقوف في منتصف المسافة لفحص المشهد كاملاً.
يأتي هذا المعرض في لحظة انحسار الحركة التشكيليّة في العاصمة السوريّة. فباستثناء «غاليري أيام» التي تواصل نشاطها، لن نجد صالة أخرى، تفتح أبوابها منذ اندلاع الاحتجاجات السورية منتصف آذار (مارس) المنصرم.



«2012»: حتى 13 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل ـــ «غاليري أيام» (دمشق).