دمشق | هل صارت دمشق جنةً لمتذوّقي الشراب؟ في الآونة الأخيرة، يبدو أن تحولاً طرأ على أجواء العاصمة السورية التي عادت أكثر ولعاً بالكأس، في زمن الاحتجاجات الشعبية. فبعكس ما نشاهده على طول المسلسلات الدرامية، لم تستبعد دمشق العرق والنبيذ عن موائدها تاريخياً. ومع مطلع الألفية الثالثة، واجه رواد المشروبات الروحيّة في عاصمة الأمويين حملة تطهير غير معلنة، على أثر موجة إغلاق الحانات مثل «الفريدي» و«الريس». كما أنّ جميع المطاعم التي تقدم الكحول في الأيام العادية، توقفت عن ذلك في المناسبات الدينية مثل ليلة النصف من شعبان، وليلة «الإسراء والمعراج»، إضافةً بالطبع إلى شهر رمضان كاملاً. وبدا ذلك جديداً على الشاميين القدماء. كما خلت منطقة الصالحية في قلب دمشق، من المحال التجارية التي تبيع المشروبات الروحيّة، باستثناء «هاواي» الذي راح يزحف إليه سكان العاصمة من كل حدب وصوب...وفي هذا المناخ، صارت حتّى إعلانات الترويج للمشروبات الكحولية التي تمرّ بكثرة على الشاشات اللبنانية مثلاً، تواجه باستهجان في دمشق، علماً بأنّ مثل هذه الإعلانات ممنوعة في وسائل الإعلام السورية.
لكن مع تفاقم الاحتجاجات الشعبية التي طال بها الأمد، تغيّرت أمور كثيرة في المدينة. صار القلق هو الخبز اليومي للمواطنين. وباتت لازمة «لا أستطيع النوم» من العبارات الأكثر استعمالاً بين الناس... وفي ظل هذا التوتّر اليومي، خف الحصار على المشروب بسحر ساحر. صارت الكحول هي الداء والدواء؟ يبدو أن الحكومة قد غضت الطرف عن تقديم معظم المطاعم أقداح العرق وكؤوس البيرة وغير ذلك، حتى خلال رمضان الأخير. كما فتحت محال تجارية عدّة أبوابها، وراحت تتنافس على عرض أفخر أنواع المشروبات الروحية. مثقف سوري من هواة الكأس الأبديين، علّق على الظاهرة الجديدة: «منذ سبعة عشر عاماً وأنا أشرب العرق يومياً... اليوم صرت خائفاً على نفسي من الإدمان!». طبعاً هناك علاج آخر ضدّ الأرق والإدمان في آن معاً: النزول إلى الشارع.