صنعاء | لم ييأس علي عبد الله صالح بعد. ها هو نظامه يتابع اصطياد الصحافيين اليمنيين، ليتحوّل العمل الإعلامي منذ انطلاق «ثورة الشباب»، إلى ما يشبه السير في حقل من الألغام. عمليات قتل، واعتداءات، واعتقال يتعرّض لها الصحافيون يومياً، إلى جانب التضييق على المطبوعات، ومصادرتها وحرقها، وصولاً إلى فصل صحافيين من وظائفهم، ومصادرة مرتباتهم، و...
قصف منازلهم بقذائف الهاون والمدفعية الثقيلة!
إذاً بعد انقضاء سبعة أشهر على انطلاق الشرارة الأولى للثورة اليمنية، أصيب النظام بحالة من الجنون الحقيقي، وخصوصاً أنّ كل محاولات وأد هذا التحرّك الاحتجاجي باءت بالفشل، كما أن التضييق على الصحافيين لم يمنعهم من مواصلة عملهم، وتغطية كل تفاصيل الثورة. وما زاد من حماسة هؤلاء، كان مغادرة معظم الصحافيين الأجانب لليمن، فبات على الإعلامي المحلي مخاطبة العالم، للإضاءة على حقيقة التجاوزات والجرائم التي يمارسها بن صالح ونظامه. وكان الصحافيون الأجانب قد تلقوا تهديدات من جانب السلطات المحلية، طالبة منهم مغادرة البلاد. أما مَن لم يستجب لهذه التهديدات، فعمد النظام إلى ترحيله عنوة تحت حجة «مخالفة قانون الإقامة المحلي».
وقد شهد الأسبوع الماضي موجة جديدة من العنف ضد الصحافيين، إذ استهدفت قوات النظام الإعلاميين على نحو مباشر ما أدى إلى مقتل المصور التلفزيوني حسن الوظاف، الذي يعمل لمصلحة «الوكالة العربية للإعلام». وأصيب الوظاف برصاص قناصة أثناء تغطيته عملية هجوم شنه عناصر تابعون لنظام صالح على ساحة التغيير في صنعاء. ولم تنجح محاولات الأطباء في إنقاذه ليلفظ أنفاسه الأخيرة نهاية الأسبوع الماضي. وفي تبرير لما قام به هؤلاء العناصر المسلّحون، رأى نظام صالح أنّ «الوظاف كان يقف في منطقة ينتشر فيها مسلحون معارضون للنظام». وبناءً عليه، يصبح الوظاف الضحية الثانية بعد الصحافي جمال الشرعبي، الذي قضى برصاص قناصة يوم 18 آذار (مارس) الماضي أثناء تغطيته واقعة هجوم عناصر مسلحين موالين للنظام على ساحة التغيير، أدت إلى قتل 52 شاباً. وقد أطلق على هذا اليوم لاحقاً اسم «الجمعة الدامية».
كذلك أصيب الأسبوع الماضي الصحافي المعارض صادق الحمادي بطلق ناري في رجله اليمنى، فيما تلقى المصور محمد الصلوي، الذي يعمل لمصلحة موقع «ثورة الشعب اليمني» الإلكتروني رصاصة في قدمه، كما تعرض الصحافيون نصر النمر، الذي يعمل لقناة «سهيل» الفضائية المعارضة، ومحمد النهاري، مراسل «وكالة يمان الإخبارية» المحلية، ووليد العماري، لحالة اختناقات خطيرة جراء استنشاقهم الغاز السام الذي تستخدمه السلطات ضد الشباب المحتجين سلمياً. وفيما تعرض مقر نقابة الصحافيين اليمنيين نفسه لهجوم بالرصاص الحي شنه «بلطجية»، تابعين لنظام صالح، تعرض منزل الصحافية المعارضة رشيدة القيلي لقصف بقذائف الهاون. وهو نفس ما تعرّض له منزل الصحافي مجيب الحميدي، كما نجا الصحافي عبد السلام محمد العامل من محاولة اغتيال عن طريق طلقات نارية. أمّا المصور أحمد فراص، الذي يعمل لمصلحة قناة «سهيل» الفضائية المعارضة، فلا يزال معتقلاً لدى الجهات الأمنية المحلية.
وفي السياق نفسه، اضطر الصحافي عبد الله غراب (قناة «بي. بي. سي.») إلى التوقف عن عمله بعدما استهدفه نائب وزير الإعلام اليمني عبده الجندي في مؤتمر صحافي نقله التلفزيون اليمني، متهماً إياه بـ «كتابة الأكاذيب والتقارير الإخبارية الملفقة».