ليست المرة الأولى التي يأتي فيها عمر فاروق إلى فلسطين المحتلّة. فقد زار الناصرة ليعزف أمام جمهور فلسطيني. إلا أنّ الدعوة كانت موجّهة له من «مهرجان العود الدولي» الذي تنظّمه سنوياً جهات إسرائيلية. وبالطبع فإنّ إقامة مهرجان سنوي للعود، تنفق عليه ميزانيات طائلة، ليست خطوة بريئة. إنّها محاولة إضافية لسرقة الموروث الموسيقي العربي والفلسطيني، ونسبه إلى إسرائيل، كما يحصل منذ 63 عاماً. الإعلان عن حفلتي عمر فاروق تكبيلك خلّف استياءً لدى الناشطين في «الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل». «لا نطلب منه الانضمام لمقاومتنا المدنية والشعبية، من أجل إنهاء الاحتلال والأبارتهايد وعودة اللاجئين. كلّ ما نطلبه منه هو الامتناع عن تقويض نضالنا السلمي، وعدم الاستهتار بحقوقنا»، يقول العضو المؤسس في الحملة عمر البرغوثي لـ«الأخبار». «لهذا، أناشد الجميع مقاطعة حفلاته، فعندما يشعر بالثمن المالي لتواطئه في التغطية على انتهاكات إسرائيل، قد يتعظ».زيارة عمر فاروق تكبيلك لن تقتصر على حفلتي تل أبيب والبحر الميت، إذ إنّ الفنان التركي سيحيي حفلة في مدينة الناصرة بمبادرة من فلسطينيين. وبعد السؤال، تبيّن أنّ الداعين إلى هذه الحفلة لم يكونوا على علم بأمر الحفلتين الإسرائيليتين إلا بعد انتشار الخبر أول من أمس. فليأت عمر فاروق تكبيلك لإحياء حفلته في الناصرة الفلسطينية، إذا كان يريد إعلان موقف تضامني مع فلسطينيي الداخل، ضد الاضطهاد والظلم والاستعمار. لكنّ تجاهله لحملات المقاطعة يجعله جزءاً من الآلة العاملة على تبييض صورة إسرائيل أمام العالم. وللمفارقة، فإنّ حركة المقاطعة الثقافية لإسرائيل نمت بنحو غير مسبوق بعد العدوان الإسرائيلي على أسطول الحرية، وسفينة مرمرة التركية... وشاهدنا فنانين عالميين يلغون حفلاتهم، ويدينون الجرائم الإسرائيلية. تجدِّد الحفلات في بعض المدن الفلسطينية المحتلة طرح السؤال حول خصوصية المقاطعة والتطبيع، في حالة الأراضي المحتلة عام 1948. وحتى هذه اللحظة، تأخذ هذه المسألة الشائكة حيّزاً كبيراً من الدرس، وسوف تخصص لها سلسلة من الندوات بعنوان «خصوصية العمل الثقافي لفلسطينيي الداخل»، بمبادرة من موقع «قديتا.نت»، و«مسرح الميدان» في حيفا، ابتداءً من غد. لم توجّه رسائل رسمية إلى الفنان التركي بعد، تحثّه على إلغاء حفلاته. إلا أنّ مجموعة من الناشطات والناشطين الفلسطينيين في الداخل، توجهوا إليه مباشرة، طالبين منه إلغاء مواعيده الإسرائيلية، أو على الأقل أن يتوجّه مباشرةً من تركيا إلى الناصرة، من دون المرور عبر البحر الميت وتل أبيب. فإن لم يكن معنياً بما تمارسه المؤسسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين من قتل وترهيب، فليقاطع على الأقلّ إكراماً لدم الأتراك الذي سفكه الاحتلال على سفينة مرمرة.