القاهرة | قبل عامَين شهدت انتخابات نقابة الصحافيين المصريين منافسة شرسة بين المرشّح الحكومي مكرم محمد أحمد، والمرشّح المستقلّ ضياء رشوان. يومها أجبر هذا الأخير مرشّح النظام على دخول جولة الإعادة، فما كان من أنصار الصحافي المحسوب على النظام المخلوع إلا الهتاف «الكبير كبير مش عايزين تغيير». وبالفعل فاز النقيب السبعيني في الانتخابات، وخسر ضياء رشوان. لكن «ثورة 25 يناير» قلبت كل هذه الموازين، وها هي الانتخابات تُقام هذه المرة ـــــ في 14 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل ـــــ من دون أي مرشّح حكومي، لكن هذا الواقع الجديد لا يعني أبداً أن المعركة ستكون سهلة. وينحصر الصراع على رئاسة النقابة هذه المرة بين الكاتب والناشط البارز يحيى قلاش، صاحب التاريخ النقابي الحافل والطويل، الذي يدخل السباق تحت شعار «ارفع راسك فوق...
إنت صحافي»، والكاتب الاقتصادي ممدوح الولي، المحسوب على جماعة «الإخوان المسلمين». وقد نجحت هذه الأخيرة في السيطرة على نقابات مهنية عدة أخيراً، وهو ما يرفضه معظم الصحافيين. وكان الولي قد نفى في أكثر من مرة انتماءه الرسمي إلى الجماعة، وغازل الناخبين من خلال التلميح إلى قدرته على تحسين أحوالهم المادية.
أما قلاش، فدعا إلى «وصول «ثورة 25 يناير» إلى شارع عبد الخالق ثروت، حيث تقع النقابة»، في إشارة واضحة إلى أنّ أوضاع الصحافيين المالية لن تتحسّن إلا إن ارتقوا بمهنتهم. كذلك أعلن أن مطالب الصحافيين لا يمكن أن تتلخّص بعد الثورة بمجردّ بعض المنح والمكافآت الهزيلة التي تمنحها الحكومة. وهي التقديمات التي يتوقّع كثيرون أن تتوقّف قريباً لأن نظام مبارك كان يمنحها دون أي سند قانوني فقط لإرضاء مرشحي الرئيس.
إذاً النقابة التي بلغت عامها السبعين، تحاصرها مشاكل ومخاطر عدّة في حقبة مع بعد سقوط النظام البائد. ويبدو أن قلاش يدرك جيداً هذا الواقع فيدعو إلى تضافر جهود كل أبناء المهنة «من أجل سن القوانين التي توفر لأصحاب القلم الحياة الكريمة دون أي ضغوط سياسية». ويعاني الوسط الصحافي فوضى هائلة جعلت ملّاك الصحف، سواء كانت الدولة أو الأحزاب أو رجال الأعمال، يتحكّمون في مصير الصحافيين بعد تراجع دور النقابة بفعل سيطرة نظام مبارك.
أما انتخابات مجلس النقابة، فتشهد مشاركة 109 مرشّحين دفعة واحدة يتنافسون على 12 مقعداً، معظمهم من الوجوه الجديدة في العمل النقابي. وتبرز أسماء عبير سعدي، جمال فهمي من المجلس المنتهية ولايته. أما من بين المرشحين الجدد، فيتقدم السباق رئيس تحرير «البديل» خالد البلشي، ومدير تحرير «الأهرام» علاء العطار، ومدير مكتب جريدة «الجريدة» الكويتية رامي إبراهيم، والناشط النقابي في «الأهرام» هشام يونس، والكاتب والشاعر أحمد خالد، والمحرر القضائي صابر مشهور، فيما تدخل جماعة «الإخوان المسلمين» سباق العضوية بخمسة مرشحين أبرزهم محمد عبد القدوس، لكن الانتقادات طاولت المرشحين الخمسة بسبب إعلان ترشحهم من مقر الجماعة، ما دفعهم إلى نشر بيان لاحق يؤكدون فيه أن نشاطهم النقابي «سيكون بعيداً عن أي أحزاب أو اتجاهات سياسية».