عكّا | في مكتب مؤسسة «هاينريش بول» في رام الله المحتلة، التقت أول من أمس مجموعة من المدونين الفلسطينيين، بهدف التواصل عبر «سكايب» مع المشاركين في «ملتقى المدونين العرب الثالث». الملتقى الذي انطلقت أعماله الإثنين الماضي (وتختتم اليوم) في العاصمة التونسية، يُقام هذا العام من دون مشاركة فلسطينية بعدما رفضت السلطات التونسية إعطاء تأشيرات دخول للمدونين القادمين من غزة ورام الله والأراضي المحتلة عام 1948، باستثناء مدوّن واحد من رام الله وأخرى من القدس تحمل جوازاً أجنبياً.
إذاً 11 مدوناً فلسطينياً منعوا من الدخول إلى تونس من دون تقديم أي مبرّر لهذا القرار. ورغم مطالبة الجهات المنظّمة («هاينريش بول»، و«الأصوات العالمية»، و«نواة») السلطات التونسية بتوضيح أسباب قرارها، لم يخرج أي تبرير رسمي، باستثناء تصريح رسمي يؤكد أن جمعية «نواة» التي دعت المدونين الفلسطينيين «غير مرخّصة في تونس». إلا أن سائد كرزون، وهو المدوّن الفلسطيني الوحيد الذي حصل على تأشيرة، يقول لـ«الأخبار» إن الهدف من هذه الخطوة هو منع نقل «تجربة من هذا النوع إلى الفلسطينيين (...) نحن محاصرون وبحاجة إلى أي تواصل مع نشطاء في الخارج، وهو ما يمكن إتاحته من خلال ملتقيات مماثلة». ولعلّ هذا التعليق يطرح سؤالاً آخر سيبقى من دون جواب: هل تخاف السلطة الانتقالية في تونس إغضاب الاحتلال الإسرائيلي؟
ومع صدور هذا القرار، عمّت حالة من الاستياء والغضب العارمَين صفوف المدونين العرب والفلسطينيين. هكذا بدأ هؤلاء حملة واسعة ضدّ القرار «المجحف» على المدونات وتويتر. المدونة التونسية وجد عبد الله قاطعت المؤتمر ولم تشارك فيه تضامناً مع نظرائها الفلسطينيين. وفي نص كتبته ونشرته عبر مدونتها بعنوان «حقوقنا ما تزال بأيدي الداخلية... فلسطين نعتذر لك»، كتبت: «بيني وبين المدوّنين الفلسطينيين 1600 ميل وبيني وبين المدونين العرب المجتمعين الآن في بلدي بضعة أميال... قررت مقاطعة الملتقى تضامناً مع من لم يستطع القدوم... لأن الحكومة في بلدي لم تمنحهم هذا الحق وهي تدّعي أنّ فلسطين قضيتها وتعترف بحقها في عضوية في «الأمم المتحدة»، وتقول إن «ثورة الياسمين» تتعهد بالتزامها تجاه الشعب الفلسطيني».
أما المدونة السورية رزان غزاوي، فمنذ اليوم الأول للمؤتمر، وضعت على ظهرها ورقة كتبت عليها باللغة الإنكليزية: «حسناً لم يحصل المدونون الفلسطينيون على تأشيرات دخول... لا ينبغي أن نكتفي بالكتابة عن الموضوع على تويتر».
في حديث خاص لـ«الأخبار» تتحدّث المدونة الفلسطينية من رام الله دالية عثمان عن رفض الحكومة التونسية إعطاءها مع زملائها تأشيرات دخول إلى تونس: «من المؤسف بل من المحبط أنّ المدونين الفلسطينيين لم يُمنحوا تأشيرات دخول إلى تونس. كنت أنتظر اليوم الذي سألتقي فيه بشخصيات رائعة في مجال التدوين الإلكتروني، وأن تتاح لي فرصة الاستماع والتعلم أكثر من خبراتهم. ومع ذلك، حجبت الحكومة التونسية عنّا هذا الحق. توقعت أن تكون تونس ما بعد الثورة مُرحّبة بالفلسطينيين. لكن الواقع يبدو عكس ذلك». إلى جانب عثمان، كان يُفترض مشاركة أربعة مدونين من فلسطينيي الداخل أي من عكّا، وحيفا، والناصرة وأم الفحم. مجد كيال (حيفا) يقول تعليقاً على عدم منحه تأشيرة: «القلق الحقيقي يكمن في تحقيق أهداف الثورة التونسية. نحن علّقنا ولا زلنا نعلّق آمالاً كبيرة على الثورة، ورفض إصدار التأشيرات كان مخيباً لآمالنا». ويتمنى أن تكون هذه الحادثة بمثابة منبّه كي يحمي الشعب التونسي ثورته. ويذكر أن من بين الفلسطينيين الذين رُفض دخولهم إلى تونس عاملتَين في مكتب «هاينريش بول» في رام الله، بالإضافة إلى مدونة فلسطينية مقيمة في مصر رُفضت تأشيرتها السفارة التونسية في القاهرة. أما الجهات المنظمة، ومعها المدونون المشاركون، فأصدروا بياناً أدانوا فيه رفض السفارة التونسية في رام الله منح تأشيرات دخول للمدونين، مطالبين بتوضيح الأسباب. ورأى هؤلاء أن غياب فلسطين عن الملتقى هو «إهانة للتاريخ الطويل من المناصرة بين تونس وفلسطين...».