كان مفهوماً أن يبدو الجندي الإسرائيلي المحرر جلعاد شاليط مرتبكاً ومتردداً، لكن لماذا بدت مراسلة التلفزيون المصري شهيرة أمين كذلك؟ لماذا ارتبكت، وأعادت سؤالاً مرتين، و«فوّتت» سؤالاً آخر من دون أن تنتبه، وأعادت توجيهه إلى الجندي بعدما نبهتها أصوات ـــــ بدت متعددة ـــــ خلف الكاميرا؟
على أي حال، تبقى «مقابلة شاليط» سبقاً إعلامياً للتلفزيون المصري، حتى لو لم يبذل «ماسبيرو» مجهوداً أو يخوض منافسة للحصول عليه، بدا اللقاء كأنّه جزء من الصفقة، وإن أبدت «جيروزاليم بوست» استياءها، ونقلت عن مسؤولين إسرائيليين ـــــ حسبما نقلت «بوابة الأهرام» ـــــ غضبهم مما سموه استغلال التلفزيون المصري للجندي المحرر ولحالته النفسية الضعيفة. وأكمل موقع «بوابة الأهرام» ترجمة استياء مسؤول حكومي إسرائيلي على النحو الآتي «وصف المسؤول تصريحات شاليط بالمثيرة للتقدير والإعجاب، وخاصة ما قاله بشأن الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين شرط عدم عودتهم إلى القيام بأعمال إرهابية مرة أخرى على حد تعبيره». صياغة الخير كارثية. العبارة الأخيرة «شرط عدم عودتهم إلى القيام بأعمال إرهابية مرة أخرى» لم يقلها شاليط، بل المسؤول الإسرائيلي تعليقاً أو تحريفاً لتصريحات الجندي السابق.
كانت إجابة شاليط مخصصة للرد على السؤال الأفضل في المقابلة التلفزيونية، ذلك المخصص للأسرى الباقين في سجون الاحتلال. سألت المراسلة بالإنكليزية عن شعور شاليط تجاه «أربعة آلاف سجين فلسطيني». قال بعد صمت قصير إنّه سيكون سعيداً للغاية إذا أفرج عن الفلسطينيين الذين ما زالوا محتجزين داخل سجون اسرائيلية للعودة إلى أسرهم.
غير ذلك، لم يبد ذكاء خاص في مجمل الأسئلة، وخصوصاً سؤال «هل أنت سعيد؟»، الذي أثار سخرية الفايسبوك والتويتر. الموقعان تحدثا بسخرية مضاعفة عن ضرورة عقد صفقات مماثلة للإفراج عن السجناء المصريين في المحاكم العسكرية. غير أن التساؤلات الإعلامية الأهم كانت: هل هذه أسئلة تليق بالمقابلة الأهم في العالم لهذا اليوم؟ هل يعقل أن تخطئ المراسلة في ترتيب الأسئلة، فيرتبك بسبب ذلك مترجم العبرية في تلك اللحظة الإعلامية الأبرز؟ هل انتظرنا مقابلة شاليط فقط كي نعرف أنه «يشعر بالشوق نحو أهله وأصدقائه، وأنه سعيد بالإفراج عنه، وأنه يريد أن يحكي عن تجربته؟».
على أي حال، هي صفقة «الجميع سعداء عدا محمود عباس»: السلطات المصرية سعيدة، 70 في المئة من الإسرائيليين، وأهالي الأسرى، والتلفزيون المصري الذي يحاول محو عار «ماسبيرو»، وربما كان عليه أن يبدأ باستضافة أسير فلسطيني واحد من المئات الذين طرحتهم البوابات، لكن بدلاً من ذلك، جعلنا نقابل قيادي «حماس» موسى أبو مرزوق. لقاء سياسي دبلوماسي حوى الكثير من الشكر لمصر وسلطتها، والقليل من المشاعر.