رام الله | كان نشر الصور الأولى لآسري الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط وهم يسلّمونه إلى مصر، ثم المقابلة معه عبر الفضائية المصرية، بمثابة بادرة تقديرية قدمتها «حماس» للوسيط المصري. وتحت باب التقدير، لم تعرض فضائية «الأقصى» أي صور لشاليط قبل انطلاق البث المصري الذي تناقلته الفضائيات المتابعة لأحداث الثلاثاء الحافل، في ظل انشغال الفضائيات الفلسطينية بالنقل المباشر من ميادين الحدث المختلفة.
من خلال فضائية «الأقصى»، أرادت «حماس» توحيد البث من القطاع وعلى الجانب الفلسطيني من الحدود مع مصر. وكانت تغطيتها حصرية للأحداث في القطاع منذ ساعات الفجر، مروراً بلحظات الانتظار حتى وصول دفعات الأسرى المحررين، وسط صورة احتفالية أعدّت لها القناة طويلاً في المرحلة الماضية. وكانت مفردة «الإنجاز» مفتاح التغطية الحمساوية من خلال فضائية «الأقصى».
في المقابل، كانت قناة «فلسطين» التابعة للسلطة في رام الله، تخصّص النقل والتغطية للاستقبال الرسمي في مقر الرئاسة ـــــ المقاطعة ـــــ في رام الله. وبدا واضحاً أنّ الفضائية الرسمية تحتفي بالصفقة، مع التأكيد مراراً على ما اعتبرته أوجه قصور في صفقة التبادل، وفي مقدمها سقوط أسماء تسع أسيرات من قوائم التبادل التي كان من المفترض أن تشمل جميعهنّ. وتخلّل هذه التغطية حديث طويل تولّاه المعلقون والمعقّبون عبر شاشة «فلسطين» عن خمس سنوات من التفاوض بين «حماس» وإسرائيل، وعما إذا كانت الصفقة مشرّفة، مع ضبط النقاش والجدل ضمن موقف السلطة الذي عبّر عنه الرئيس محمود عباس في كلمته في المقاطعة. كذلك، أطلّ حسن يوسف القيادي الأبرز لـ«حماس» في الضفة ضمن مقابلات عدة عبر شاشة الفضائية، وهي التي غاب عنها الصوت الحمساوي طويلاً في السنوات الماضية.
في المقاطعة أيضاً، كانت فضائية «القدس» مستبعدة كالعادة، بل ملاحقة. إذ إنّ السلطة تمنع دخول طواقم القناة إلى مقر الرئاسة، إلا أنّ ذلك لم يحل دون تغطية واسعة تولّتها القناة من مصر والأردن وغزة والضفة مع موجات بث مفتوحة تحتفي بالإنجاز وتفرد المساحة الأكبر لأهالي الأسرى والمقابلات الحصرية مع الأسرى. وانفردت القناة بمقابلة مع أقدم أسير هو عميد الأسرى الفلسطينيين نائل البرغوثي. عندها، مازح البرغوثي صحافي القناة قائلاً إنّه «قبل خمسة وثلاثين عاماً، لم يكن يعرف الميكروفون». وأسهب في الحديث عن رفضه لاستجداء الحقوق، مشدداً على أن أسر جنود إسرائيليين هو المخرج الوحيد لمأساة خمسة آلاف أسير لا يزالون خلف القضبان.
وضمن الطابع الاحتفالي ذاته، كانت فضائية «فلسطين اليوم» (مقرها بيروت) تفرد ساعات النهار بأكملها لموجات البث من غزة والضفة ومصر. ونقلت الفضائية ـــــ إلى جانب «الجزيرة» القطرية ـــــ الإرباك الأهم المتعلق بتبديل موقع تسليم الأسرى في الضفة من معبر عوفر، قرب رام الله، إلى مقر الرئاسة مباشرة. وتابعت القناة المواجهات التي اندلعت بين أهالي الأسرى وجيش الاحتلال. ولم ير القائمون على القناة أن المجال يتسع إلا لحديث الفرح واللقاء بين الأسرى وأهلهم، مع اهتمام بالدور المصري ومتابعة الجهد المصري في اللحظات الأخيرة من التبادل.
لا يخفي الكثير من الصحافيين العاملين في الفضائيات والقنوات الفلسطينية امتعاضهم من المقابلة التي انفردت بها الفضائية المصرية مع الجندي الإسرائيلي شاليط، وتحديداً أخذ اللقاء منحى إنسانياً مبالغاً فيه، والتركيز على البعد الشخصي ومشاعر الجندي بعد الإفراج عنه، فيما الأسرى الفلسطينيّون لم يحظوا إلا بتغطية سريعة من القناة التي أجرت لقاءات عابرة معهم قبل تسليمهم إلى حركة «حماس» في رفح. وفي المتابعة الفضائية العربية، تميّزت «الجزيرة» القطرية بتغطيتها الحدث من داخل الأراضي المحتلة عام 1948، كما تابعت التحركات الإسرائيلية في استقبال شاليط، مع تغطية للأحداث في سوريا وليبيا واليمن.