الرباط | لم يعتد المغربيون كثيراً مشاهدة برامج تلفزيون الواقع، وخصوصاً إذا كانت محلية، وتعرض على القنوات المغربية. والسبب أن هذه البرامج غالباً ما تكون نسخة مقلّدة عن برامج عالمية، لا تراعي خصوصية المجتمع المغربي، وفق ما يقول البعض. مع ذلك، قررت «القناة الثانية» في التلفزيون الرسمي خوض مغامرة جديدة، تمثّلت في عرض النسخة العربية من برنامج The week the women went، ويحمل عنوان «مدام مسافرة». تدور الحلقات في قالب من المغامرة المثيرة التي يعيشها الرجال في الدار البيضاء مع أبنائهم بعد مغادرة زوجاتهم المنزل لمدة أسبوع. هكذا نتابع الصعوبة التي يواجهها الأزواج في تدبير شؤون المنزل، والطهو، والاهتمام بالأولاد إلى جانب الوظائف اليومية المنزلية الأخرى، التي تقوم بها ربات البيوت.
منذ الحلقة الأولى، اختلفت وجهات نظر المغربيين حول البرنامج: منهم من رأى فيه تكريماً للمرأة، وإضاءة على التضحيات التي تقدمها في سبيل سعادة عائلتها. أما جزء آخر، فقد انتقد الفكرة التي يقوم عليها «مدام مسافرة»، انطلاقاً من منطق ديني محافظ، يرى أن تقليد برامج غربية لا يناسب طبيعة المجتمع المغربي. حتى إن بعض الإسلاميين وصفوا المشرفين على البرنامج بـ«دعاة الفتنة»، الذين «يهدفون إلى تخريب البيوت... إنها دعوة صريحة للزوجات إلى مغادرة البيوت وترك الزوج والأولاد والسفر بمفردهن. وهو أمر يعدّ من المحظورات».
بين الموقفين، برزت وجهة نظر ثالثة، ناقشت تفاصيل البرنامج. وأصحاب هذا الرأي قالوا إن الفكرة تفتقر إلى «أي إبداع مغربي ولمسة خاصة تضفي الطابع المحلي على البرنامج». وبحسب هؤلاء، سقط «مدام مسافرة» في فخ «الاستنساخ لبرنامج عالمي أنتج في ظروف مختلفة». هكذا كتب المدون المغربي المتابع لشؤون الميديا يوسف معضور، منتقداً القناة المغربية الثانية التي تبث البرنامج «أصبحت هذه القناة تمس وتضرب في عمق قواعد اجتماعية لا يمكن الخروج عنها، مثل تداخل الوظائف الاجتماعية لكلا الطرفين، أي الزوج والزوجة، كما تضرب خصوصيات تلك الأسر».
وذهب مهاجمو البرنامج أبعد من ذلك، حين انتقدوا مخرجته زكية الطاهري وزوجها الجزائري أحمد بوشعلة لرسمهما «صورة مغلوطة عن الأدوار التي يقوم بها كل من الرجل والمرأة»، واصفين هذه النوعية من البرامج بأنها «قد تفرّق الأسر المغربية»، فيما قلل مؤيدوه من هذه الانتقادات التي تنمّ عن فكر محافظ حسب هؤلاء. وتواجه المخرجة زكية الطاهري انتقادات كثيرة في المغرب بسبب أعمالها التي يعدها معارضوها «متعصّبة للمرأة إلى درجة ظلم الرجل أحياناً»، كما حصل في فيلم «نامبر وان»، الذي تناولت فيه قصة رجل يعامل زوجته بقسوة، لكنّ المخرجة التي تضيء على قضية المرأة المغربية في أفلامها، قلّلت من شأن الانتقادات التي طاولت البرنامج، بل عدته «فرصة فقط لإظهار الدور القيّم الذي تؤديه ربات البيوت».