إستيفانيا بينيافيل لويزا (1978) هي الفنانة العاشرة التي تقدم عملها «لا شواغر» ضمن معرض «تجربة بيروت» في «مركز بيروت للفن» كما في «الهنغار/ أمم للتوثيق والأبحاث». يندرج عمل لويزا ضمن مشروع «لا غرف شاغرة ـــ آخر أيام الكارلتون [1]» الذي يشكّل بدوره الجزء الأول من مشروع مستمر بعنوان «الأيام الأخيرة لـ...» أطلقه «الهنغار» مشروع تأمل في تحولات المعالم المدينية اللبنانية.
افتتح فندق «الكارلتون» في بيروت عام 1960، وعايش الحرب الأهلية، واشتهر حينها باستقباله الكثير من السياسيين، وقادة الاحزاب، والمثقفين...
مركز «أمم» الذي يشتغل على أرشفة ذاكرة الحرب بإشراف الثنائي لقمان سليم/ مونيكا بورغمان، حصل على كمية كبيرة من وثائق الفندق البيروتي العريق قبل تهديمه عام 2009. وثائق عبارة عن مجموعة بيانات بيروقراطية مملة، ولمحات لعناصر مثيرة للاهتمام في الحياة الاجتماعية في أوقات مختلفة من تاريخ لبنان. بناءً على هذه المحفوظات، تقدم لنا لويزا في «الهنغار» رؤيتها إلى التمثيل الفنيّ لأرشيف مماثل (بين فيديو ورسوم ونحت وصور فوتوغرافيّة) كجزء من نقاشات حول كيفية «عرض الأرشيف» يقترحها «الهنغار». أما في «مركز بيروت للفن»، فتقدم لويزا فيديو مصوّراً في مبنى «الكارلتون» السكنيّ الجديد. في «الهنغار»، تشاهد نص رسالة على طاولة عند المدخل، أعادت لويزا طباعتها. الرسالة بعثها أحد الزبائن إلى مدير الفندق عام 1975، طالباً إلغاء زفاف كان مقرراً إقامته في الفندق بسبب الناس الذين يموتون مع اندلاع الحرب الأهليّة. في وسط المساحة، رتّبت جرائد مكويّة في عربة غسيل تستعمل عادة في الفنادق.
وعلى المساحة الأكبر من الحائط، عُرض فيديو قُسِّم لشاشتين، يظهر تصويراً قامت به الفنانة من مبنى «الكارلتون ريزيدنسي» الذي يأخذ حالياً مكان الفندق القديم. وفي أسفل الشاشتين، دوّنت جملاً اختارتها من نصوص وجدتها في أرشيف سجلات العاملين في الفندق منذ 1960 حتى 2000. على يسار الفيديو، مجموعة صور التقطتها لصناديق الأرشيف الموجودة لدى «أمم»، وأخرى لصناديق خلقتها بنفسها. وأمامها، على أربع لوحات كبيرة، تكتب لويزا قصيدة محمود درويش «غرفة في فندق» بالبارود والفحم. قصيدة لا يمكن قراءتها، لكنها قابلة للاشتعال. هكذا، قدمت لويزا طرحها الفنيّ لكيفيّة عرض الأرشيف. لكن إلى أي حدّ يستطيع تجهيز فنيّ طرح اسئلة تطاول مضمون التوثيق والأرشفة؟ أم هل يتحول أحياناً إلى حاجز يغرق المشاهد في تقنيته ويمنعه من التواصل المباشر مع مادة تؤرخ جزءاً من الماضي؟ لقد رأينا في طرح لويزا عملاً فنيّاً مستنداً إلى تاريخ فندق غائب، لكن ماذا بقي من ملامح المدينة؟



«لا شواغر ـــ آخر أيام الكارلتون 1»: حتى ١٨ ديسمبر ـــ «الهنغار» (حارة حريك). للاستعلام: 01/553604