الجزائر | حين يحمل الكتاب توقيع علي رحالية (الصورة)، يكون القارئ في الجزائر متلهفاً دوماً. لم يصدر كتاب «مواطن لا ابن كلب... في انتظار الخراب» لعلي رحالية عن دار نشر، بسبب جرعة الجرأة الزائدة فيه، لكنّ معظم ما ورد فيه، نُشر سابقاً على شكل مقالات في صحف جزائرية عدة، كما أنّه حاز اعتماداً قانونياً من المكتبة الوطنية. في «معرض الكتاب الدولي في الجزائر» الأخير، حمل رحالية حقيبة ظهر، وتنقّل بين الأجنحة كبائع جوّال، ليستكمل بيع ما بقي في حوزته من نسخ، بعد الإقبال الكبير على كتابه في المكتبات.
يعدُّ علي رحالية واحداً من أبرز الصحافيين والكتّاب في الجزائر. ويرى متابعون للمشهد الإعلامي في بلاده أنّ نشر مقالته في صحيفة ما، كافٍ لاستقطاب 500 ألف قارئ على الأقلّ، لكنّ رحالية يصرّ على أنّه ليس صحافياً، بحكم أنّ مساهمته في مهنة المتاعب اقتصرت على زوايا أسبوعية نشرها في جرائد متفرّقة. يتمسّك في المقابل بصفة «المواطن» التي ظلّ يوقّع كتاباته بها. من هنا استمد رحالية ـــ المعروف بمواقفه الشرسة في معارضة النظام ـــ عنوان كتابه «مواطن لا ابن كلب». على الغلاف صورة تظهره في مواجهة مع شرطي، خلال إحدى التظاهرات المطالبة بالديموقراطية في الجزائر العاصمة، مطلع العام الحالي.
يجمع الكتاب بين دفّتيه أكثر من ثمانين مقالاً، نشرت بين عامي 2000 و2010، تشرّح الواقع الجزائري بطريقة ساخرة. لم يسلم من قلم رحالية أيّ وجه سياسي معروف... ولم يسلم منه أيضاً تاريخ الجزائر المعاصر، إذ طالعنا بقراءات مختلفة عن الروايات الرسميّة التي تلوكها السلطة. ويهدي رحالية كتابه إلى «كل الجزائريين الذين خيّب النظام آمالهم، واغتال أحلامهم، وحطّم مستقبلهم...». جاء الكتاب في خمسة فصول تحكي معاناة المواطن المطحون، بلغة بسيطة، تسمّي الأشياء بمسمّياتها.
يحتوي «مواطن لا ابن كلب... في انتظار الخراب»على كثير من «التواطؤ بين المواطن الكاتب والمواطن القارئ. يقوم الأول باصطياد «الفرائس الكبيرة» من أسماء تبدو محصنة من كل نقد، ثم يقوم بملاعبتها حتى الإنهاك. وبعد ذلك يمرّ إلى مرحلة سلخ جلدها ثمّ يرميها إلى المواطن القارئ ليلتهمها بتلذّذ» يقول رحالية لـ «الأخبار». كان الصحافي المشاكس ينوي وضع «في سؤال لماذا يجب إسقاط النظام؟» عنواناً فرعياً لكتابه، لكنه غيّره لقناعته بأنّ الآتي إلى الجزائر «ليس التغيير، بل الخراب، وما علينا سوى انتظاره».