الرباط | صدّق أو لا تصدق، ثمة ثورة في مخيّمات البوليساريو! هناك في مخيمات «الحماداة» في مدينة تندوف، مَن يقف في وجه جبهة البوليساريو، وينتقد زعيمها الروحي محمد عبد العزيز. إنّه الفنان والشاعر الصحراوي الشاب الناجم علال (1967)، الذي استطاع أن يزلزل أركان القيادة المتحكّمة في الصحراويين الموجودين في المخيمات. ألبومه الجديد «شباب التغيير» استلهم عنوانه من الربيع العربي، ليطالب بالتغيير في مخيمات تندوف، وبالحريات والديموقراطية والعدالة، معلناً دعمه لثورة الشباب في المخيمات على فساد أوليغارشية القيادة. من خلال أغنياته، حاول صاحب «أنا والصحراء والتشواش» نقل معاناة الصحراويين الطويلة في مخيّمات تندوف، تلك البقعة المنسية من العالم، التي تقول المغرب إنّها مقر لاحتجاز المواطنين الصحراويين المختطفين من المغرب رغماً عن إرادتهم.
أشعار الناجم علال لا ترفض فكرة الانفصال عن المغرب، لكنها تستنكر الوضع القائم وتحلم بمستقبل أفضل من ذاك الذي تمنحه قيادة صمدت في الحكم عقوداً ولا تختلف عن دكتاتورية القذافي وبن علي ومبارك.
مُنع من إحياء الحفلات والظهور في وسائل الإعلام الرسمية، وصار مراقباً في جميع تحركاته داخل المخيم. الدعوة إلى الانتفاض والتمرّد والثورة كلفته أيضاً إقالته من مهمّاته في إحدى مديريات وزارة الثقافة في البوليساريو، وصودر جواز سفره.
«بلبل الصحراء» الذي اختطف من المغرب عام 1975، ينتمي إلى عائلة فنية بامتياز أنجبت العديد من المثقفين والشعراء. برزت ميوله الفنية منذ سنواته الأولى تماماً كشقيقه الرسام، ونذرا فنّهما دفاعاً عن قضايا البوليساريو لسنوات قبل أن يطلق الملك المغربي مبادرة الحكم الذاتي التي ستجعل الصحراويين يتحكمون في مصيرهم. هكذا، عاد كثيرون من المخيمات إلى الأقاليم الجنوبية، كما حصل مع أخيه الذي عاد إلى العيون (جنوب المغرب)، لكن الناجم علال لم يستطع الرحيل بسبب ظروفه العائلية ورغبته في البقاء مع أولاده وخوض المعركة من الداخل، إذ إنّ أغنياته انتشرت في أرجاء المخيمات، وبات قسم من الشباب الصحراوي يرددها بصمت خوفاً من بطش القيادة. عناوين أغنياته باتت محفوظة عن ظهر قلب: «ما عندي كيان»، و«مجهول المصير»، و«السلطة كسرت نابنا»، و«لاجئ غريب»، و«زيارة مقبولة»...
قضية «عميد الأغنية الوطنية الصحراوية» باتت تستأثر باهتمام العالم اليوم. جمعية الفنانين الصحراويين الكائنة في منطقة العيون، استنكرت أخيراً الاعتداء الذي تعرضت له خيمة الفنان قبل 15 يوماً، إذ هاجمها عناصر من البوليساريو وطالبوا المنظمات الحقوقية العالمية بالتدخل السريع لضمان أمن الفنان الصحراوي.
«بلبل الرمال» مثال بسيط على حالات يصبح فيها الغناء جريمة، وقول الحق خطأً لا يغتفر. الناجم علال محاصر اليوم لأنّه صرخ في وجه «مخيمات العار».
1 تعليق
التعليقات
-
حتّى الصّحراء الغربيّة ماخلصت من اتهاماتكن؟إذا كنت يا سيّد عماد تنادي بالثّورة مع صاحبك المغنّواتي على جبهة البوليساريو، و على الرّئيس المناضل محمّد عبد العزيز، فهذا يعني أنّك لاتعرف شيئاً عن هذا الشّعب.. ياسيّد عماد أنا زرت تندوف ومخيّمات الصّحراويّين في العام الفائت، في 1 نيسان /2010، وأتحدّى أيّ زعيم عربي أن يعيش مع عائلته في خيام بين شعب مشرّد لايريد من العالم سوى أن يعطيه حقّه في إدارة شؤون حياته.. هناك في تندوف قضيت في خيمة سيّدة اسمها (غيبل بلاهي) أسبوعاً وقابلت رئيس الجمهوريّة وصارت زوجته صديقتي بعد أن زرتها في خيمتها وزارتني عدّة مرّات مثلما اعتادت أن تزور سكّان الخيام الصّحراويّين يوميّاً.. فإذا كانت هذه حياة النّاس وحياة رئيسهم وزوجته وزيرة الثّقافة، فعلام تريد من النّاس أن يثوروا؟ ماذا يملك هذا الرّئيس زيادة عن شعبه وهو يلبس كما يلبسون ويأكل كما يأكلون ويعيش حيث يعيشون ويقود ثورتهم نحو الحرّيّة والاستقلال؟ غريب أمركم والله، وأتحدّى من يقول أنّ مخيّمات الصّحراويّين فيها معارضون للرّئيس فقد قابلتهم، واجتمعت بعدد كبير منهم لأخبرهم عن تجربة المقاومة في لبنان، فكانوا متماهين بتجربتنا، عشّاقاً لمقاومينا إلى حدّ الذّوبان.. هل يزعجك أن يكون هناك شعب عربي مقاوم في أقصى الغرب؟؟ تخّنتوها كتير....