شهد فنّ الكومكس في بيروت نهضةً خلال السنوات الأخيرة... وقد لعبت مجلّة «السمندل»دوراً مهماً في هذا الإطار، رغم الحاجة إلى خلق مساحات إضافيّة للتفاعل بين رسامي الكومكس والجمهور. من هنا ربما، انطلقت مغامرة «طريق مزدوج» أو Doppio senso. منسّق المشروع ريكاردو أرماندو كوباياشي، بادر إلى الجمع بين أربعة رسامي كومكس مقيمين في لبنان، وأربعة فنانين إيطاليّين زاروا بيروت أخيراً. تحت عنوان «الرسم الصحافي»، التقت جنى طرابلسي، وبرّاق ريما، وفادي عادلة، وهلا دبجي، مع أليغرا كوربو، Paper Resistance، وجيانلوقا قسطنطيني، وفيتو مانولو روما، في ورشة عمل امتدّت لسبعة أياّم بضيافة «مجموعة كهربا».
الهدف من الورشة كان تحفيز النقاش حول فعاليّة الشرائط المصورة، ليس كوسيلة للتعبير الفنيّ فحسب، بل كأداة صحافيّة وخبريّة أيضاً. وانطلق هذا النقاش من أهميّة الرسم الصحافيّ، كواحد من الفنون الإعلامية الحديثة.
انقسم الفنانون إلى أربع مجموعات، ضمّت كلّ واحدة منها فناناً عربياً، وآخر إيطالياً، بهدف إنجاز أربعة كتب فنيّة، تدور حول تيمات «مشاهد داخلية»، و«بورتريه»، و«أحياء»، و«مناظر». خلال الورشة، أنجز كلّ فنّان 10 رسوم، نشرت على دفتي الكتاب، فيما احتلّ وسطه رسم ثنائي يشكّل محطّة الالقتاء بين عالمين. في خلاصة الورشة، طبعت الكتب بالتعاون مع Plan Bey، وعرضت إلى جانب الرسوم الأصلية في معرض احتضنته «صيفي غاردنز» أخيراً.
حول تيمة «الأحياء»، التقت هلا دبجي وفيتو مانولو روما. ثبّت فيتو إطاراً لشارع، ورسم داخله تفاصيل المارة: متسكعون، امرأة عجوز، بائع جرائد، عتال، كلاب تتزاوج. تلاقيه هلا، برسمها لكائنات خارقة، تطفو فوق شوارع بيروت: «امرأة بطة»، وأخرى «ذبابة»، والفنانة صباح مع غيتار كهربائي. حين يلتقي العالمان، يُظهر الرسم المشترك امرأةً يقطر الدم من يديها، يقابلها رجلان يطلّان من شباك فيتو على الشارع...
ضمن العمل حول تيمة «البورتريه»، رسمت ألّيغرا كوربو بلادها إيطاليا في صورة ناقمة على تحكّم المافيا والدين والعقليّة الميزوجنيّة بالمجتمع. رسمت بورتريه يسوده الموت والسواد، تتكرّر فيه خريطة البلاد. في الجانب المقابل، يرسم الرسام السوري المقيم في لبنان فادي عادلة شاباً يحاول تحميل يوميات الثورة على الشبكة العنكبوتيّة. ويلتقي الثنائي في رسم منعكس لوجهين أسودين.
في «مشاهد داخليّة» تبتكر جنى طرابلسي رسوماً لطبيعة ميتة، مشحونة بتاريخها. أغراض ومساحات، أصبحت خالية إلا من الذكريات. يلاقيها Paper Resistance فينجز هندسة داخلية داخل الرأس البشري، ليلتقي مع جنى في رسم يجسّد قطع أثاث تتفاعل مع بورتريه جامد لشابة.
في «مناظر» يعبّر براق ريما عن عدم رغبته في التعليق على الثورة، لأنه لا يرى فيها سوى استبدال للأنظمة ذاتها. قبالته، يرسم جيانلوقا قسطنطيني محطّات وقود تحتلّ مكانها بقوّة، في واقع لن تزحزحه الثورات. وحين يلتقي الاثنان، يخرجان برسم لمدينة قائمة على الرأسمالية، حيث النظام باقٍ لا يتزحزح.
مشروع «طريق مزدوج» لم ينتهِ عند الموعد البيروتي، إذ تطير الرسوم إلى إيطاليا لتعرض في مدينة رافينا، ضمن «المهرجان الدولي لكومكس الواقع» في دورته السابعة (بين 9 و13/ 11). تجربة ناجحة، رغم أنّ ثمن الكتيبات الصادرة عن «بلان بي» سيعيق وصولها إلى شريحة واسعة من القرّاء.




فادي عادلة

متخرج من معهد الفنون الجميلة في جامعة دمشق، يتخيّل شكلاً مرسوماً للثورة الافتراضية. أبطاله ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعية، يحمّلون صوراً وأفكاراً وانتفاضات على الويب.

■ ■ ■




أليغرا كوربو

المديرة الفنيّة لمشروع Pop-Up (فنون المعاصرة في المساحة المدنية)، ترسم تأويلاً جديداً لخريطة إيطاليا. شكل شبه الجزيرة ليس جزمة نسائية بالضرورة، قد يكون وشماً على جبين قناع...

■ ■ ■




جيانلوقا قسطنطيني

في ريبرتوار الرسام والفنان البصري الإيطالي أعمال ذات حساسيّة سياسية عالية... يرسم هنا ببرودة مريبة، اسكتشات بالأبيض والأسود عن محطات الوقود، أكبر سلطة استبدادية في العالم!

■ ■ ■




مانولو روما/ دبجي

اشتغل الرسامان على الأحياء الشعبيّة، وفي عملهما المشترك رسما بورتريهين. الأول (الصورة) توقّعه هلا دبجي، لامرأة أو ساحرة تنزف دماً من يديها... وفي الجزء الآخر، غير المنشور هنا، يرسم فيتو مانولو روما رجلي مافيا، يرمقان العابرين بنظرات حادّة.

■ ■ ■




طرابلسي/ «بايبر...»

ترسم جنى طرابلسي طبيعة ميتة، أشياء خالية وجامدة، فيما يجمع Paper Resistance بين الهندسة الداخليّة، والرأس البشري... في رسمهما المشترك يلتقي الجسد بقطع الأثاث.

■ ■ ■








فيتو مانولو روما

بين تصميم الغرافيك والرسم يوزّع هذا الفنان الإيطالي نشاطه. يتخيّل هنا حياً شعبياً، ورجلاً يخرج من سلّة قمامة، كأنّه عابر من عالم آخر... وقد يستشفّ المتلقّي انعكاساً بعيداً لعالم المافيا وعصاباتها ورجالها

■ ■ ■







جنى طرابلسي

صاحبة مدوّنة «أيلول»، ترسم طبيعة ميتة، محمّلة بالكثير من الانطباعات الشخصيّة. الرسامة والمصممة اللبنانية التي تنشر أعمالها في صحافة بيروت، ترسم حبات التين وتسميها «فلسطين»

■ ■ ■






برّاق ريما

يسلّط الرسام المقيم بين بيروت وبروكسل نظرة ذاتيّة، على مضامين مسيّسة. في عمله هذا يبحر عكس تيّار «الربيع العربي». فـ «ليس من الضروري أن يكون للفنان دور «وطني» للدفاع عن الثورة» كما يكتب.

■ ■ ■




أليغرا/ عادلة

يلتقي الفنّان السوري وزميلته الإيطاليّة حول ازدواجية مفهوم السلطة. هل ما نراه يدان تحاولان إسكات فمٍ يصرخ؟ باب التأويل مفتوح، مع اعتماد الرسامين لتقنية المرايا، لتظهر رسمين متوازيين، كأنّ كلاً منهما انعكاس للآخر

■ ■ ■





برّاق ريما

يسلّط الرسام المقيم بين بيروت وبروكسل نظرة ذاتيّة، على مضامين مسيّسة. في عمله هذا يبحر عكس تيّار «الربيع العربي». فـ «ليس من الضروري أن يكون للفنان دور «وطني» للدفاع عن الثورة» كما يكتب.

■ ■ ■





Paper Resistance

فنون التصميم الغرافيكي بالنسبة إليه أسلوب دفاع عن النفس. في بيروت، رسم كنيسةً، وسجناً، وجمجمة لاعب هوكيز واستخدم الهندسة الداخليّة ذريعة لدخول جسم الإنسان، وإعادة تصميمه

■ ■ ■




هلا دبجي

تحوّل الرسامة اللبنانية هنا فنّ البورتريه إلى أداة لابتكار شخصيّات خياليّة. تستلهم وجوهاً من الثقافة الشعبيّة، لتعطيها طابعاً إيروتيكياً. هنا مثلاً، تصير صاحبة الفنانة وردة الجزائريّة... حوريّة بحر