برغم تأسيس جمعية «منوال» الثقافية عام 2014 والفرقة المسرحية عام 2012، إلا أن احتفالية «كزهر اللوز أو أبعد» التي نظمتها مساء الأحد 9 آب (أغسطس) في الذكرى السابعة لرحيل الشاعر الفلسطيني محمود درويش، عمّمت المعرفة بها وبأنشطتها على صعيد أوسع. استفادت «منوال» من سيادة الظن بأن الاحتفالية عبارة عن حفل للفنان مرسيل خليفة.
بعضهم انقاد للحضور، اشتياقاً لرؤية خليفة على ذلك المسرح، وحنيناً لزمن المقاومة الوطنية والشعبية في عهد مصطفى سعد. وبعضهم انقاد تكريماً لشعر درويش. مهما تباينت دوافع الحاضرين، فإنهم جميعاً وضعوا من دون اختيار أمام نموذج من عروض «منوال»: فنون الأداء المسرحي. من على بعد، لا يجذب هذا النوع من الفنون كثيرين. تحوّل جاد حكواتي ورؤى بزيع ويارا أبو حيدر ومصطفى حجازي ومايا سليمان إلى ثلة، تجمدت على المسرح قبل أن تبدأ بالتحرك على إيقاع موحد. لبسوا بدلة موحدة سوداء وبيضاء ولفوا حول أعناقهم الكوفية الفلسطينية. تناوبوا على إلقاء مقتطفات من شعر درويش. بين هذا وذاك، ركضوا وتسابقوا ووقفوا وتأهبوا وهمسوا وصرخوا. عرّفت «منوال» أشخاصاً من شرائب مختلفة إلى فنها. أمسية «كزهر اللوز»، ستقود هواة جدداً للانضمام إليها.

أسس الجمعية
جاد حكواتي وزوجته
رؤى بزيع

اختارت «منوال» أن تعبّر عن نفسها في صيدا، حيث يقيم مؤسساها المسرحيان جاد حكواتي وزوجته رؤى بزيع. لم تغرهما شهرة بيروت وسرعة انتشار أعمالهما بين جمهور متوافر. ابتعدا عن العاصمة وآمنا بـ«اللامركزية الثقافية والمسرحية» يقول حكواتي. هو ابن صيدا وبزيع بنت بلدة زبقين (قضاء صور). بين هنا وهناك، تندر المساحات المخصصة للفن غير التجاري. وضعا نفسيهما أمام التحدي: ترويج فنون الأداء. بدأ النشاط الصيداوي بتدريب مجموعات شبابية على الأداء المسرحي. الهواة قدموا عرضين على مدى تسعة أشهر. التدريب تحول لاحقاً إلى صفوف منتظمة مفتوحة لمن يرغب. لاحقاً في عام 2013، نفذ الثنائي، بالتعاون مع «جمعية أهلنا في صيدا»، برنامج دعم نفسي واجتماعي، ولا سيما في حالات عنف من خلال المسرح، لمدة 6 أشهر. في العام ذاته، قدموا عرضاً بعنوان «عيد الخبز» بالتعاون مع «المركز الثقافي الفرنسي»، تنقلوا به بين بيروت ودير القمر وبعلبك والنبطية وزحلة وصور وصيدا. بين هذا وذاك، تواصل «منوال» تدريب أساتذة من مدارس خاصة ورسمية في محافظتي النبطية والجنوب على الأداء التعبيري لتقديمه في الصفوف، بالتعاون مع «المعهد الفرنسي». لم تلغ «منوال» شغف مسرح بيروت كلياً. قبل عام تماماً، قدمت الفرقة عرضاً بعنوان «هاشتاغ» على خشبة «مسرح دوار الشمس»، بعدما قدموا عرضاً موقعياً حياً في مبنى تراثي في بيروت.
وجد حكواتي أن «الناس خارج العاصمة بحاجة إلى الاحتكاك بنشاط ثقافي». في بيروت «هناك خيارات متعددة بخلاف المناطق». يقر بأن اختراق ذوق واهتمام المناطق مهمة صعبة. يعوّل حكواتي على الهواة الشباب لخلق ظاهرة ثقافية ومسرحية لامركزية دائمة. احتفالية «كزهر اللوز أو أبعد»، جعلت كثيرين من أصدقاء وأقرباء حكواتي وبزيع وسليمان يشاهدونهم للمرة الأولى في صيدا.
تجربة «منوال» لا تبث فنون التعبير في المناطق فحسب، وإنما تبث الأمل في اليائسين من أحوال الفن الحقيقي في لبنان. الجمعية ثمرة حلم حمله حكواتي وبزيع مذ ترافقا على مقاعد الدراسة في «كلية الفنون ــ الجامعة اللبنانية» (قسم المسرح).