يكره الفنان الأردني نضال الخيري محرّري الصحف، ويؤمن بأنّهم شلّة ينبغي التخلّص منها. هوسه هذه الأيّام بسلسلة الأفلام الوثائقيّة Japanorama، يرسّخ شخصيته الساخرة، وفنّه الباحث عن الفارق بين الادّعاء الثقافي والمجتمعي والسياسي، وبين كائنات مهمّشة تظهر في رسومه على شكل صراصير أو جرذان. أما الفنان المصري جنزير، فيعمل على مستوى آخر: يقضي معظم وقته على اللابتوب، مجرياً بحثاً عن الأناركيّة وجذورها، ليصل على نحو مفاجئ إلى السلطة العسكريّة في بلاده. نشر أخيراً مقالاً عن العلاقة بين «الانتفاضة العالميّة» الحالية، وبين الاقتصاد والتاريخ والأسطورة... وفي تلك الأثناء، كان متظاهرو «احتلّ وول ستريت» يرفعون عمله الشهير «قناع الحريّة». يقضي الفنانان نهارهما في مساحة «مكان» العمانيّة، حيث ينكبّان على إخراج العدد الأوّل من مجلّة «زين العرب». ورغم الإيقاع البطيء الذي يعملان به، إلا أنّ الصوت المتردد بين غرفتي الفنانين، كلّما وصل إلى يد أحدهما مشاركة في المجلة «البلديّة»، يعيد إحياء جوّ نهبته الجديّة.

هنا تلتقي تجربة الفنانين: سخرية الخيري العالية، والتنقيب الجدّي لجنزير. بعد انتظار، أطلق العدد الأول من المجلة أخيراً، وضمّ نصوصاً ورسوماً من فلسطين ولبنان ومصر والأردن وغيرها. هذه المحتويات أرسلت إلى المشاركين أنفسهم ليطبعوا نسخهم ويوزعوها. يفسّر جنزير اعتماد هذه الطريقة التي اشتهرت في الستينيات والسبعينيات في أميركا وأوروبا، بأنّها هروب من الرقابة. يؤمن المصمم وفنان الغرافيتي الشاب بأن الثورات العربية غيرت أشخاصاً، لكنّها لم تغيّر المنظومات، ممارسةً وتفكيراً. من جهته، يرى الخيري أنّ «زين العرب» ستكون محاولةً لتفادي الرقابة الذاتيّة أيضاً. يتصدّر الغلافَ رسم ليد مقطوعة، ترتفع إصبعها الوسطى إلى الأعلى، ما يذكّر بلوحة يوسف عبدلكي «اليد المقطوعة» المهداة إلى جيل السبعينيات. وتضمّ المجلّة نصوصاً تتراوح بلغتها بين العاميّة والفصحى، بذيئة ومهذّبة، ذاتيّة وتحمل همّاً عاماً.
فمن مواد «زين العرب» مادة تكتبها سوزان الوتار من لبنان حول الحواجز التي وضعها الجيل القديم أمام الجيل الحالي. ومن مصر، يكتبRevel Souly عن الاستخدامات العديدة للإصبع الوسطى. وتكتب نهى عنّاب من الأردن مادة بعنوان «مذكرات رائد فضاء». أما الافتتاحيّة، فيكتبها بشّار حمّيض في مديح وسائل التواصل الجديدة.
«زين العرب» هي في النهاية تحيّة إلى مثقّف الشارع الراديكالي، الذي يرسم على الجدران، ويتظاهر، ويرفع إصبعه الوسطى مقابل السلطة، ورقابة الإعلام والمجتمع.