الرباط | يوم 12 تشرين الثاني (نوفمبر) 2010، تسلمت هندي زهرة (1979) جائزة Constantin في مسرح الأولمبيا عن ألبومها الأول Handmade، الذي سلط عليها أضواء النجومية في فرنسا. بعد عام ونصف عام، ها هي المغنية المغربية الفرنسية تحيي غداً وبعده حفلتيها المعنونتين «مساء الخير يا تل أبيب» على خشبة «باربي» في تل أبيب، غير عابئة بدعوات المقاطعة. بين تاريخ الجائزة وحفلتيها، انتقلت الفنانة الأمازيغية من مغنية مغمورة في «المطاعم» الباريسية والصالات الصغيرة إلى نجمة قد تفقد ألقها في قلوب آلاف عشّاقها من المؤمنين بعدالة القضية الفلسطينية.
ابنة مدينة خريبكة المغربية، تغني بالأمازيغية والإنكليزية. تنقلت في طفولتها بين مدن عدة مع أسرة كانت تتبع الوالد العسكري في تنقلاته المستمرة. ترحال أسهم في صقل موهبتها الفنية، كما تصرّح في أحد حواراتها الصحافية، لأنّه مكّنها من التعرّف إلى ريبرتوار الموسيقى المغربية المختلفة بين المدن، لكن موهبتها كانت أيضاً بتأثير من أمها، التي تنشد الموسيقى الأمازيغية التقليدية، ومن إخوانها وأخوالها الذين كانوا يحضرون إلى البيت في نهاية الثمانينيات أشرطة موسيقية لأشهر موسيقيي الروك، والريغي، والجاز والموسيقى العالمية. وسط هذه الخلطة الموسيقية، وجدت عشقها. تأثرت بنجمات موسيقى كإيلا فيتزجيرالد، وإيتا جيمس، كما أحبّت أم كلثوم وصوتها الرخيم. في باريس عام 1993، وجدت ضالتها. غنت في مطاعم وكباريهات صغيرة مع موسيقيين من إثنيات وحساسيات مختلفة، قبل أن تجد منتجاً يؤمن بها ويصدر ألبومها الأول. إيقاعات روك وجاز وبلوز وصوت ينشد بالأمازيغية والإنكليزية هي الوصفة التي سحرت الجمهور بهذه الفتاة النحيلة ذات التقاسيم الشبيهة بإيمي واينهاوس. أداؤها هو الآخر سحر كثيرين، فاستطاعت أن تجد لها مكاناً بين نجوم الموسيقى الفرنسية، وتضاعف حضورها في مهرجانات وحفلات عبر العالم، آخرها جولتها الجديدة التي تتنقل فيها بين أميركا الشمالية، والبرازيل، والبرتغال، وإسبانيا، وتركيا... و«إسرائيل»!
حالما انتشر خبر غناء هندي زهرة في تل أبيب، تعالت أصوات شجب ونداءات تدعو الفنانة في فرنسا إلى مقاطعة التظاهرة الفنية التي ينظمها المعهد الثقافي الفرنسي في تل أبيب بمشاركة فنانين فرنسيين. أول الأصوات المحتجة جاء من «الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل»، التي دعت المغنية الشابة إلى مقاطعة التظاهرة. وانطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي حملة واسعة لمطالبة الفنانة بعدم الغناء للجلاد الإسرائيلي، وخصوصاً أنّ هندي ستقدم أيضاً وصلة مع الموسيقية الإسرائيلية ريف كوهن. صفحة المغنية على «فايسبوك» تحولت إلى ساحة نقاش ساخن بين ناشطين دعوها إلى عدم الغناء في تل أبيب، وإسرائيليين يشجعونها على قرارها، كما أطلق ناشطون فيديو يطالب المغنية بعدم تقديم عرضها في تل أبيب. ورغم مناشدات المئات من مرتادي الفايسبوك بعدم غناء زهرة في تل أبيب، تحصنت الفنانة بالصمت ولم تصدر حتى الآن أيّ رد فعل على تويتر وفايسبوك، بل اكتفت بنشر تعليق مفاده أنّ الثلج يتساقط في نيويورك حيث تقدم حفلة إضافة إلى ألبوم صور!
ويبدو أن المغنية حرصت منذ البداية على أن لا تنشر خبر غنائها في تل أبيب. موقعها الإلكتروني الرسمي لا يشير إلى أنها ستقدم الحفلتين المذكورتين. مقابل هذا، نشرت بتاريخ 24 تشرين الأول (أكتوبر) على صفحتها على فايسبوك رابط موقع بالعبرية حيث يبيع تذاكر أمسيتيها في الكيان العبري.
ونقل موقع «يا بلادي» الإخباري عن أحد منظمي الحفلتين قوله إنّه لا علم له بدعوات المقاطعة، وختم المكالمة الهاتفية بالقول إنّ «النقاش حول مقاطعة الحفلة سيكون مسلياً»!
بيان المقاطعة الذي أطلقه ناشطون فلسطينيون لاقى صدى واسعاً لدى مجموعة من المنظمات الحقوقية الأوروبية، كجمعية «أورو ـــــ فلسطين»، التي دعت ناشطيها إلى بعث رسائل إلى المغنية تناشدها فيها عدم السفر إلى «إسرائيل». هؤلاء نشروا على صفحتها العديد من التعليقات. ليفيا كاروزو، الطالبة في جامعة أكسفورد، كتبت: «بقبولك الغناء في إسرائيل، إنّما تحرمين ملايين الفلسطينيين المقيمين في غزة، والضفة الغربية، وفي العالم حضور حفلتك. هذا هو تعريف الأبارتهايد»، فيما كتبت كورا زون: «اليوم فقط توفي تسعة فلسطينيين في غزة. نرجوك أن لا تغني في إسرائيل». مجمل التعليقات كانت على هذه الشاكلة. فهل تختبئ هندي زهرة وراء صمتها لتفقد جمهورها الذي يؤمن بعدالة القضية؟
www.hindi-zahra.com