القاهرة | عندما أطلق حزب «النور» السلفي حملته الانتخابية، وضع على أحد الملصقات صورة وردة بدل وجه إحدى مرشّحات الحزب. أما مبرّر «النور» فكان أن المرشّحة ترتدي النقاب وبالتالي لا فائدة من نشر صورتها. طبعاً، ما إن انتشر الملصق، حتى أطلق الناشطون على فايسبوك حملات ساخرة من هذه الخطوة، وألّفوا مئات النكات في الموضوع، متسائلين: كيف يمكن المرشحة ـــــ الوردة أن تطلب من المصريين أن ينتخبوها، وهم لا يعرفون شكلها؟ وماذا ستفعل لو نجحت ودخلت مجلس الشعب واضطرّت إلى الجلوس بجوار زملائها الرجال؟ وكيف يمكن أبناء دائرتها أن يتعرفوا إليها وهي التي بدأت مشوارها معهم بصورة مستعارة؟
السخرية أغضبت أعضاء الحزب السلفي بشدة، وخصوصاً عندما جرى التلاعب بالبوستر الدعائي ووُضعت صورة رجل ملتح مكان الوردة على اعتبار أنّه زوج المرشحة.
هكذا، عدّ السلفيون ما حدث تدخّلاً في الحرية الشخصية لمرشّحاته. وهؤلاء أنفسهم سبق أن صرّحوا بأنهم غير مقتنعين «دينياً» بجدوى ترشيح النساء للانتخابات البرلمانية، لكنّهم سيرضخون للأمر الواقع ويرشّحون نساءً؛ لأن قانون الانتخاب ينصّ على أهمية وجود سيدة في القوائم المتنافسة. انطلاقاً من هذا الاقتناع، وضع الحزب المرشحات النساء في آخر اللوائح بهدف تقليل فرصهنّ في الانضمام إلى المجلس.
لكن غضب حزب «النور» من التلاعب الذي حصل في مصلقاته الانتخابية، لم يمنع مناصريه من تشويه اللقاءات التلفزيونية التي ظهر فيها مرشحون وشيوخ سلفيون مع مذيعات أو ضيفات غير محجّبات. البداية كانت مع ريم ماجد مقدمة برنامج «بلدنا بالمصري» على قناة «أون تي في» التي استضافت المرشح المحتمل للرئاسة الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل. هذا الأخير طلب من الإعلامية المصري مباشرة على الهواء ارتداء الحجاب، مؤكداً أنه وافق على الظهور معها لأنه جاء ليتكلم في السياسة. وأضاف أنّه لو كان موضوع الحلقة دينياً لفرض عليها الحجاب. انتهى اللقاء على خير، لكن عندما قامت شبكة «السلف اليوم» على الإنترنت بتحميل هذا اللقاء التلفزيوني على موقعها، وضعت علامة سوداء على وجه ريم ماجد.
الأمر نفسه تكرر مع المرشحة الوفدية في الانتخابات البرلمانية نهال عهدي التي أطلق عليها كثيرون لقب «ملكة جمال المرشحات» بسبب صورتها الانتخابية التي جاءت قريبة من دعايات نجمات السينما. هكذا، أطلت عهدي على قناة «العربية» في مواجهة مع نادر بكار المتحدث باسم حزب «النور». وهاجم بكار في اللقاء «محاولات الليبراليين تشويه صورة الحزب وادعاء احتقاره للمرأة بسبب صورة الوردة». ومجدداً عندما نشرت قناة «النور» على يوتيوب اللقاء، وُضِعت علامة سوداء على وجه نهال عهدي.
وجاءت حلقة برنامج «ناس بوك» للإعلامية هالة سرحان لتتويج هذا المسار السلفي. طلبت سرحان مشاركة المهندس عاصم عبد الماجد المتحدث باسم «الجماعة الإسلامية» في نقاش بشأن الانتخابات البرلمانية. لكن عبد الماجد الذي اشتهر بهجومه العنيف على الثوار في ميدان التحرير، طلب أن يكون ظهوره في الحلقة من وراء حجاب، أي أن يكون هناك ستار يمنع أي تواصل شخصي بينه وبين سرحان، أو أن ترتدي هذه الأخيرة الحجاب. قبلت هالة سرحان المغامرة، وبالفعل انقسم الاستوديو إلى جزءين: الأول على يسار الشاشة، ضم هالة سرحان والصحافي وائل قنديل، والباحث عمار علي حسن، والثاني ضم عبد الماجد بمفرده. وتحدّث هذا الأخير خلال الحلقة من دون أن يشاهد الضيوف في الجهة المقابلة. ودار في الدقائق الأولى من الحلقة نقاش حول الصورة التي ظهر بها البرنامج. هنا، برر عبد الماجد موقفه قائلاً إنه أولاً لم يطلب الحضور إلى البرنامج، بل دُعي، وبالتالي عليه أن يشارك بالصورة التي يراها هو لائقة به. وأضاف أنّ الحجاب مفروض على النساء المسلمات منذ عهد النبوة. واستشهد عبد الماجد ببابا الفاتيكان وشيخ الأزهر، قائلاً إن كليهما لا يقابلان أي سيدة لا ترتدي الحجاب. لكن قنديل ردّ مساجلاً عبد الماجد، ومصراً على أنّ الحديث في الحلقة يدور في مكان عام «ونتكلم في موضوع سياسي. وبالتالي لا يمكن تطبيق الآيات التي نزلت في زوجات النبي محمد على حالتنا في الاستوديو». وسأل عبد الماجد: «هل ركبت طائرة من قبل؟ وكيف تعاملت مع المضيفات؟» ليردّ المتحدث باسم «الجماعة الإسلامية» قائلاً إنه يتغاضى عن المضيفات؛ لأنه مضطر إلى السفر، مضيفاً أن الموقف في هذه الحلقة يختلف. انتهى النقاش بين الرجلين من دون نتيجة، واستمرّت الحلقة وفقاً للشروط التي وضعها عبد الماجد.



هنا الإسكندرية

إذا كانت بعض الإعلاميات قد رفضن الخضوع لرغبات السلفيين وارتداء الحجاب، فإنّ مذيعة قناة «الإسكندرية» فعلت العكس. لقد وضعت إيمان الاشراف الحجاب كي يقبل عبد المنعم الشحات المتحدث باسم «الدعوة السلفية» الظهور معها على الهواء مباشرة. ولم يعترض الشحات حسب «بوابة الأهرام» على ارتداء المذيعة لحجاب غير شرعي، بل قال لها: «حتى لو حجاب تايواني، المهم أن نوصل رسالتنا الرسالة». وأردف ممازحاً خارج الهواء: «إلحقى إلبسي طرحة دلوقتي قبل ما تلبسوها بالعافية»، وهو ما أثار غضباً كبيراً بين فريق البرنامج. من جانبها، طلبت إدارة المحطة التابعة لـ«التلفزيون المصري» من فريق عمل البرنامج إعداد مذكرة بملابسات الواقعة.