دمشق | منذ انطلاق الشرارة الأولى للثورة السورية، اتخذ نجوم الدراما مواقف تمثّلت في توقيع بيانات جماعية أو تسجيل مواقف فردية، والظهور المتكرر على الشاشات السورية لدعم النظام وتأييده. ومع ذلك، اشتعلت معركة التخوين واتهام نجوم الدراما بالتواطؤ مع الاحتجاجات وعدم الوقوف بالنحو الكافي مع النظام الذي سبق أن ساند الدراما ونجومها بشكل غير مسبوق. واستغل الممثل زهير عبد الكريم الفرصة لتخوين زملائه والهجوم على كل المخرجين والنجوم الذين وقّعوا البيان الأول الذي حمل عنوان «تحت سقف الوطن».
لكن بيان درعا الشهير الذي أطلقته السيناريست ريما فليحان، مثّل نقطة تحوّل أخرجت الفنانين المعارضين من خوفهم ليجاهروا بموقفهم ويساندوا الاحتجاجات. هكذا، ترك بعضهم عمله الأساسي وتحول إلى العمل السياسي والمشاركة في التظاهرات، وسط موجة من التهديد والتخوين لم توفّر أحداً، وكان آخرها الممثل جمال سليمان («الأخبار» عدد 29 و31 /10/ 2011 و2/11/ 2011)
وعن تجربتها في التعرّض لجملة من المضايقات والتهديدات والاتهامات بالتخوين، تقول السيناريست السورية المعارضة ريما فليحان لـ«الأخبار»: «أسباب هذه الممارسات تتلخص في تحريض الإعلام الموجّه على هؤلاء الفنانين، والتعصب من قبل البعض، والمزايدات من أجل ما يسمّى «تمسيح الجوخ للنظام»». وكانت نتيجة هذه الممارسات بحق فيلحان أنّها اضطرت إلى مغادرة الأراضي السورية إلى الأردن خوفاً على حياتها. وتضيف معلّقة على نتائج هذه الممارسات «سبّبت هذه الأساليب إحداث شرخ واضح في المجتمع يجب العمل على ترميمه في أسرع وقت ممكن، لأنه بغض النظر عن المستقبل السياسي للبلد، فنحن كشعب مستمرون في العيش معاً، وهذا أمر لا جدال فيه». وعن رأيها في آخر فصول التخوين والاتهام بالعمالة التي تعرّض لها «نجم الدراما السورية» جمال سليمان بسبب مشاركته في «مهرجان الدوحة ترايبيكا السينمائي»، الشهر الماضي، أضافت «لا يحق لأحد الإساءة إلى الفنان الكبير الراسخ في قلوبنا جمال سليمان. ما حصل له يعبّر عن سوقية الشبيحة وانحدارهم إلى الدرك الأسفل». وتوقعت فيلحان، في حال استمرت هذه الممارسات المسيئة، «أن تُفرغ سوريا من مثقفيها وفنانيها، وهذا يضرّ بمصلحة البلاد وبسمعتها أيضاً». وعن السبل والوسائل الكفيلة بالحدّ من هذه الظاهرة، تقول «علينا العمل على إيقاف التشبيح الإعلامي من وسائل الإعلام الموجهة في سوريا والإعلام الإلكتروني، والعمل على بناء دروع مجتمعية لحماية النسيج السوري».
المخرج المسرحي السوري سامر عمران أبدى استياءه من هذه الظاهرة الدخيلة على الأوساط الثقافية والفنية السورية، قائلاً «التخوين هو مسألة مرفوضة تماماً، لأنّه يخلق الفرقة بين أبناء الوطن الواحد، ويجعلهم يقفون على طرفي نقيض من دون محاولة سماع بعضهم بعضاً، ولو في الحدّ الأدنى». وعن الوسائل الكفيلة بلجم حمى التخوين التي باتت متفشية في الوسط الفني والثقافي السوري نتيجة الأحداث، أضاف عمران «في البداية على الجميع الوصول إلى اقتناع ثابت يفيد بأنّ الطرف الآخر ليس عدوّاً لي، بل إنّه محبّ لوطنه مثلي تماماً، وإن كان يختلف معي في الاقتناع أو وجهة النظر. ما يحدث الآن، إن كان في الوسط الثقافي والفني أو في المجتمع السوري على حدّ سواء، يجعلنا نتساءل عن مفاهيم التوعية التي كنا نعيش في ظلها، وإلى أين أوصلتنا هذه المفاهيم عندما تعرضنا لأول أزمة جدية بهذه الحجم». وعن الأثر السلبي الذي يمكن أن يتركه الاتهام المتبادل بالخيانة بين مختلف أطياف المجتمع السوري وشرائحه، قال عمران «لا أتوقع أن نتخلص من تبعات مسألة التخون سريعاً، وقد تعمل على هجرة العديد من الأسماء الفنية والثقافية السورية إلى الخارج. هذا يحدث في الوقت الذي نحتاج فيه جميعاً إلى الجلوس معاً، والتحاور وفتح أبواب النقاش على مصاريعها، لنخرج معاً من الأزمة التي ساعدت عوامل كثيرة في دخولنا فيها». ووصف عمران مغادرة أي فنان أو مثقف الأراضي السورية، خوفاً من اتهامه بالخيانة أو تعرضه للأذى المحتمل من جهة ما، بأنّه «خسارة حقيقية لسوريا وللسوريين جميعاً». ورفض المخرج المسرحي التصنيفات التي باتت تسود الآن الشارع السوري، وتساءل «لماذا لا يكون بين الأبيض والأسود جميع ألوان قوس قزح التي تمثّل بالفعل النسيج الحقيقي للمجتمع السوري بمختلف أطيافه وطوائفه وفئاته الاجتماعية والسياسية؟».



zoom

من يقف وراء الاعتداء؟




عشية صدور قرار «جامعة الدول العربية» بتعليق عضوية سوريا، نزل المعترضون إلى التظاهر أمام مباني سفارات الدول العربية. وسرعان ما تحولت هذه الاحتجاجات إلى أعمال عنف كردّ فعل احتجاجي على قرار الجامعة. وفي اليوم الثاني، خرجت مسيرات حاشدة في مدن سورية عدة لرفض تعليق عضوية سوريا في الجامعة وفرض عقوبات اقتصادية عليها.
وأخيراً اختار الممثل والمخرج السوري عارف الطويل مع مجموعة من السوريين من بينهم فنانون ومحامون ومواطنون عاديون التوجّه إلى القاهرة لتنفيذ اعتصام مفتوح أمام مبنى الجامعة العربية في العاصمة المصرية. وبالفعل، وصل الطويل ومعه نحو ستين سورياً على أن يتبعهم نحو 300 شخص كما قال المخرج السوري لـ«الأخبار».
ويشرح هذا الأخير بأن الوفد المشارك أراد التعبير عن رأيه تلقائياً، وقد اختار السفر إلى مصر للقيام بذلك. وضمّ الوفد مجموعة من الفنانين بينهم: لينا حوارنة، وزهير عبد الكريم، وتولاي هارون (الصورة). ويقول الطويل: «لقد وقّعنا بياناً وكنا نريد تسليمه للأمين العام للجامعة نبيل العربي الذي لا يحمل من اسمه أي نصيب». ويشرح ما حصل عند وصول الدفعة الأولى من الوفد إلى ميدان التحرير، فيقول: «هاجمتنا مجموعة من البلطجية يحملون العلم السوري القديم، وآلات حادة. وكان القصد هو الشروع بالقتل إلى جانب الاعتداء علينا بالضرب ومحاولة تمزيق ثياب بعض السيدات المشاركات في الاعتصام».
وعن الجهة التي يحتمل أن تكون قد دفعت بهؤلاء إلى التهجّم على الوفد، يقول الطويل «واضح من يقف خلف هؤلاء... لكن هناك عدداً من المواطنين المصريين الشرفاء الذين ساهموا في حمايتنا وتخليصنا، قبل أن نلتجئ إلى مبنى السفارة السورية. هناك، ناشدنا عبر الفضائيات الأمن المصري للتدخل وحماية السفارة السورية بعدما سُمعت أصوات تتعالى من الخارج وتشجع على إضرام النار في مبنى السفارة». هكذا عاد الوفد السوري بعد إصابة عدد من أفراده وقد وصلوا إلى مطار حلب قبل أن تقلّهم طائرة جديدة إلى مطار دمشق الدولي.