دمشق | منذ أن جسّدت دورها في مسلسل «زمن العار» (2009) انتقلت سلافة معمار (1976) إلى مصاف النجوم الكبار، وحجزت لنفسها مكانةً بين ممثلي الصف الأول. مثّل هذا العمل نقلة نوعية كرّت وراءها سبحة النجاحات، بدءاً من دورها في «تخت شرقي»، وصولاً إلى «ما ملكت أيمانكم»، ومجمل أدوارها في الموسم الأخير، مثل فاطمة في مسلسل «توق»، وعزة في «الغفران»، وصبحة في «السراب». هذه النجاحات فتحت لها أبواب المحروسة أخيراً. ها هي تستعدّ للسفر إلى مصر لتؤدي دور البطولة إلى جانب النجم المصري يحيى الفخراني، في مسلسل «الخواجة عبد القادر»، الذي كتب نصّه عبد الرحيم كمال، وسيخرجه شادي الفخراني، لكن هل ستنجح معمار في تجسيد شخصية صعيدية بكل خصوصيتها
، رغم أنّ هناك من يرى أن ميزة هذه الممثلة هي التلقائية والعفوية في الأداء؟
تجيب معمار في لقاء مع «الأخبار»: «لا تنقصني الحماسة تجاه التجربة، لكنني أشعر بخوف يشبه خوفي عندما كنت أستعد لتأدية دوري في مسلسل «أبواب الغيم»، وكذلك دوري في «توق»، على اعتبار أنني جسّدتُ شخصيتين بلهجات بدوية لا علاقة لهما ببيئتي، إلّا أن المعيار بالنسبة إلى الممثل أن يكون الدور جديداً ومختلفاً، ويحوي بيئة جديدة، وهذه شروطي تجاه أي دور». وتضيف بطلة «زمن العار»: «من المؤكد أنّ تجربتي في الدراما المصرية تشعرني بالخوف، مثل أي تجربة جديدة تحتمل النجاح بالقدر نفسه الذي تحتمل فيه الفشل، لكنني في النهاية، أبذل ما بوسعي من جهد، وأتقبّل النتائج مهما كانت». وعن توقيت الذهاب إلى مصر، وما إذا كان يرتبط بتدهور حال الدراما السورية كما يشاع، تنفي معمار ذلك مضيفةً: «منذ ثلاث سنوات وأنا أتلقى عروضاً للعمل في مصر، لكن العرض الأخير كان مغرياً بما فيه الكفاية كي أقبل. وهذه هي اللحظة المناسبة لي، وخصوصاً أنّني أقف إلى جانب ممثل كبير بحجم الفخراني، وضمن ظروف متكاملة من نصّ محكم، ومخرج شاب وصاحب رؤيا، إضافة إلى كونه أكاديمياً».
لكن هناك من يظن أنّه على الممثل أن يكون قريباً من بيئة الشخصية التي يجسّدها، تنفي معمار هذه القاعدة وتقول: «هل معقول أن يكون الممثل بريطانياً حتى يستطيع أن يجسد دوراً في مسرحيات شكسبير؟ في النهاية هناك معطيات علمية وأكاديمية لكيفية تعاطي الممثل مع النص، والاطلاع أكثر على تفاصيل البيئة التي يريد الخوض فيها». ومع ذلك وبالعودة إلى تجارب العديد من الممثلين السوريين في الدراما المصرية، نجد أن هناك نجوماً سوريين كباراً فشلوا أمام اختبار اللهجة لدى انتقالهم للعمل في هوليوود الشرق. تتفق معمار مع هذا الرأي، وتضيف: «هذه التجربة معرّضة للفشل أو النجاح، وغايتي من العمل في أرض الكنانة ليست تغيير هويتي لأصبح ممثلة مصرية، بل تجربة ممثلة سورية ترغب في المشاركة في مسلسل مهم إلى جانب ممثل تحترم عمله كثيراً. وفعلاً، أشعر بقلق بخصوص اللهجة، لكنني سبق أن نجحت في تقديم اللهجة البدوية في «أبواب الغيم»». وتحكي الممثلة الشابة عن الطريقة التي رُشحت بها لهذا الدور، بعدما جسدت دورها في مسلسل «توق». تقول: «ترشيحي لأداء دور فتاة صعيدية يعني أنّ هناك من يرى أشياء عميقة في شغلي تتجاوز الشكل ومدى توافقه مع الدور».
هكذا، سيكون المشاهد العربي على موعد في رمضان المقبل مع يحيى الفخراني وسلافة معمار في «الخواجة عبد القادر»، الذي يقدم بحسب معمار وجهة نظرة فلسفية حول العدمية ومبررات الإيمان وماهيته، والجدوى الحقيقية من وراء إيمان الأشخاص في هذه الحياة. وتجسد بطلة «الغفران» دور زينب، وهي فتاة صعيدية تحلم في منامها بأنّها التقت عبد القادر (يحيى الفخراني). ثم سرعان ما تلتقيه على أرض الواقع، فتنشأ بينهما علاقة حبّ، ويصبح عبد القادر نافذة زينب إلى الحياة التي تعشقها، وتتعطش إلى تفاصيلها ومواقع الجمال فيها. وسيشرع شادي الفخراني في تصوير المسلسل في بداية الشهر المقبل، على أن تلتحق معمار بالتصوير بعد فترة.
أخيراً تجزم معمار بأنّها ستكون حاضرة في أكثر من مسلسل سوري بحسب سوية الإنتاج وجودة الأعمال التي تقدم، ولن تكتفي بحضورها المصري في رمضان المقبل. وعما إذا كانت تنوي العمل في السينما المصرية في ظل تدهور وضع الفن السابع في سوريا، تجيب: «لو جاءتني عروض مهمة فلن أتردد، لكنّني لم أخطط فعلياً لهذا لأنّ مشاركتي في المسلسل المصري لم تسبقها إلا الخطوات ذاتها التي تسبق موافقتي على المشاركة في أي مسلسل سوري». إذاً ها هي سلافة معمار تستعدّ لدخول أرض الكنانة، وتنضم إلى قائمة النجوم السوريين الذي يحتلّون الشاشات المصرية.



الرحمة للشهداء

كالعادة، باتت الغالبية من نجوم الدراما السورية تتجنب الخوض في الأحاديث السياسية والتفاصيل التي تتعلق بما يخص الأزمة السياسية في البلد، بسبب حملات التخوين والترهيب التي اتخذت بحق كثيرين منهم. سلافة معمار أيضاً التزمت الصمت المطلق بعد توقيعها بيان الفنانين الأول «تحت سقف الوطن»، الذي قوبل بهجوم عنيف من البعض رغم اعتداله. اليوم، تتنهد النجمة السورية طويلاً قبل أن تقول كلمتها في ما يحصل، إذ تكتفي بالترحم على شهداء سوريا جميعهم، وتدعو بالصبر لأهاليهم، وتتمنى انتهاء هذه الأزمة الخطيرة «حتى نتمكن من لأم الجراح وتطييب خواطر بعضنا بعضاً، والتطلع إلى سوريا أفضل».