هل ألّف ويليام شكسبير (1564ــــ 1616) كلّ مسرحياته؟ الجدل في هذه القضيّة ليس جديداً؛ إذ يقول بعض المؤرّخين إنّه كان مجرّد واجهة لكاتب أو عددٍ من الكتّاب، لم يرغبوا في الكشف عن شخصياتهم. بدأ الشكّ حين قارن بعضهم حياة شكسبير المتواضعة، بعبقريته الأدبية، على اعتبار أنّ مكانته الاجتماعيّة والعلمية، ما كانت لتخوّله الاطلاع على ما يدور على الساحة السياسية في تلك الفترة. ومن هنا، ساد الاعتقاد بأنّ أهمّ شخصيّة عرفها الأدب الإنكليزي، لم تكن خلف روائع «هاملت»، و«الملك لير»، و«روميو وجولييت»، بالفعل.
دحض الاختصاصيون بالسيرة الشكسبيريّة نظريّة المؤامرة تلك، لكنّ السينمائي الألماني رولان إيميريش عاد ليصبّ الزيت على النار في «مجهول» Anonymous الذي وصل إلى الصالات اللبنانيّة.
الشريط مبنيّ على حبكة دراميّة تاريخية، كتبها الأميركي جون أورلوف. يسير العمل في اتجاه تبني نظرية الشك في حقيقة شكسبير، مسلّطاً الضوء على إدوارد دو فيري (1550 ـــ 1604)، إيرل أوكسفورد السابع عشر، الشاعر الذي كان إحدى الشخصيات المهمّة في بلاط إليزابيث الأولى. يعود الفيلم إلى لندن القرن السادس عشر، ليتتبع شخصيّة دو فيري (ريس إيفانس) بوصفه المؤلّف الحقيقي لمسرحيات شكسبير. ندخل بلاط إليزابيث الأولى (فانيسا ريدغريف)، لنشاهد حياة إيرل العبقري الذي كتب «حلم ليلة صيف» في عمر الثماني سنوات، ثمّ تخلى عن الكتابة المسرحية تحت ضغط الابتزاز. ونتابع الاضطرابات السياسيّة حول خلافة عرش إليزابيث التي دفعت إيرل إلى توظيف كتاباته المسرحيّة في خدمة الدعاية السياسية... وبحسب «مجهول»، لم يكن شكسبير (رايف سبول) إلا ممثلاً في «هنري الخامس». يعود الجدل بشأن العمل إلى الطريقة السيئة التي صوّر بها شكسبير. ويبدو توجّه إيميريش لإخراج نصّ تاريخي درامي جدلي مستغرباً، بعدما أنجز مجموعة من الأفلام الهوليوودية السيئة («يوم الاستقلال»، و «2012»). وقد هاجم الشريط نقاد كثر، رغم الثناء على التقنيات المستخدمة. كتب دايفيد دينبي في «نيويوركر» إنّ الفيلم «فانتازيا منافية للعقل»، وقال دايفيد والش إنّ «الفيلم كسول لا يعدو كونه دجلاً ما بعد حداثي، لا يحترم التاريخ». لكن ماذا عن الجمهور؟ قد تتطلب متابعة الفيلم بدهاليزه السياسية وسياقه الجدلي، تركيزاً شديداً، وهذه فرصة لممارسة التفكير النقدي، رغم كلّ شيء.

Anonymous: «سينما سيتي» «أمبير دون» (01/792123)، «أمبير سوديكو».