القاهرة | للمرة الأولى، وجدت القنوات المصرية نفسها أمام تحدّ يتمثّل في تقديم تغطية مختلفة للانتخابات البرلمانية التي انطلقت أمس وتنتهي اليوم في محافظات المرحلة الأولى. كان أمام هذه الفضائيات تسع محافظات فقط و17 مليون ناخب غطّت أخبارهم في أولى مراحل الانتخابات البرلمانية، علماً أنّ آخر انتخابات في عهد مبارك أقيمت في يوم واحد. لكن مع عودة الآلية الانتخابية إلى ثلاث مراحل كما كان عام 2005، واستمرار كل مرحلة يومين متتالين لاستيعاب الأعداد الغفيرة من الناخبين (أكثر من 50 مليون مصري)...
كل هذا دفع الشاشات المصرية إلى الاستعداد بنحو مختلف لكن مع تسهيلات قدمها النظام الانتخابي القديم وخبرات حصلت عليها تلك القنوات من متابعتها للثورة في ميدان التحرير وباقي ميادين مصر.
لقد أدّت تلك المتابعة إلى توافر شبكة مراسلين قوية لدى كل قناة، وهو الأمر الذي كان ينفرد به في السابق التلفزيون المصري بحكم انتشار شاشاته ومحطاته في مختلف أنحاء البلاد. كذلك، أسهم إجراء الانتخابات في تسع محافظات فقط كمرحلة أولى في تمكّن الشاشات من متابعة التفاصيل عن في معظم الدوائر الانتخابية. ولأنّ التقارب بين القنوات كان واضحاً، خصوصاً في الأسابيع الأخيرة من حيث شرح قواعد الانتخاب وبث دعايات الأحزاب، حاولت كل شاشة الانفراد بشيء مميز. مثلاً، بدأت قناة «أون. تي. في» البث في السابعة صباحاً قبل أن تلحقها باقي المحطات، علماً أنّ التصويت بدأ بعد ذلك بساعة واحدة. بينما اعتمدت «دريم» على نجميها الكبيرين منى الشاذلي وحافظ الميرازي للافادة من جاذبيتهما على الشاشة. وشاركتهما النهار الطويل جيهان منصور، بحيث تم تقسيم اليوم على نجوم القناة. وهو ما تكرر مع عمرو أديب، وجمال عنايب في قناة «اليوم» على شبكة «أوربت». لكنّ هذا الأمر لم ينطبق على باقي المحطات، إذ لم يظهر مثلاً كل نجوم الـ«توك شو» المسائي في التغطية الصباحية. وعلى مستوى المتابعة الاخبارية، نافست «الحياة» و«سي سي سي» بقوة. وكانت الأخيرة قد انفردت بتصريحات عضو المجلس العسكري اللواء اسماعيل عثمان، والمؤتمر الصحافي للمستشار عبد المعز ابراهيم رئيس اللجنة العليا للانتخابات. بينما انفردت «الحياة» بتفاصيل تصويت البابا شنودة الثالث في أميركا، وزيارة رئيس الوزراء عصام شرف لوزارة الداخلية ولقائه بعضو المجلس العسكري اللواء محمود حجازي. عربياً، استفادت «الجزيرة مباشر مصر» من خبرتها في التغطية الحيّة، فلفتت الانتباه بتقسيم الشاشة إلى تسعة أقسام لمتابعة كل المحافظات في وقت واحد. وكان لافتاً تقديم «الحكمة» السلفيّة لتغطية إعلامية، وهي القناة التي بدأت تهتم بالسياسة بعد الثورة لكن من دون أن تقدم دعماً مباشراً لحزب «النور» السلفي الذي ينافس بقوة على مقاعد البرلمان. أما التلفزيون المصري، فاكتفى بالتغطية الإخبارية من خلال مراسليه مع الابتعاد عن الأخبار المتعلقة بالانتهاكات والحرص على التشديد على الإقبال الجماهيري على التصويت.
أما إلكترونياً، فقد نشطت الصفحات التي راحت تواكب مجريات اليوم الانتخابي الطويل، فغيّرت شبكة «رصد» حلّتها لتضع عنوان «برلمان الثورة: التغطية مستمرّة»، فيما راحت الصفحات تنقل الأجواء لحظة بلحظة، منها صفحة «تحرير نيوز» التابعة لجريدة «التحرير» المصرية التي كانت ناشطة جداً، ونقلت أجواء مختلف المحافظات بالتفاصيل ومنها أنّ «391 شكوى انتخابية وتوزيع الأموال» كانا من أهم المخالفات. واللافت هو النداءات والتنبيهات التي انتشرت عبر صفحات فايسبوك ومنها «لا تنتخبوا من يدعي الثورة إلا بعد التحقق من مواقفه» والدعوات إلى التصويت بكثافة، فـ«الانتخابات الحرة حق انتزعته الثورة وليست منحة من أحد، لا تهدر حقك».