بعدما كتب الشعر، والقصة، ومارس الرسم لسنوات، امتهن المسرح «أبا الفنون جميعها»، يقول الكاتب المسرحي السعودي عباس أحمد الحايك (1973). الشاب الذي اهتدى إلى فنون الخشبة من خلال القراءة ومتابعة أشرطة فيديو للعروض المسجلة، احتلّ مساحة متقدّمة على صعيد النصّ، وخصوصاً مع عرضه «المزبلة الفاضلة» الذي كرّس اسمه، بعدما عرض في دول عديدة، على خشبات كثيرة.
أحدث أعماله نصّ مسرحيّ بعنوان «ولاية الأحلام» استلهمه من الثورات العربيّة، وكانت هذه مناسبةً لنستعيد معه تجربةً متشعبة، تنشغل حالياً بإنجاز سيناريو فيلم يحكي العلاقة بين طفل وخاله، أساسها الأغنية العراقية القديمة، وكتاب نقدي عن تجربة المسرح السعودي.
الهمّ السياسي شكّل خلفية لمعظم نصوص الحايك. في مسرحيّة «الموقوف رقم 80»، يحكي قصّة محقق ورث المهنة عن والده، في إحالة ربما إلى توريث الاستبداد في عالمنا العربي. أما باكورته «فصول من عذابات الشيخ أحمد» (2002)، فلم تقدّم على خشبة سعودية إلا مرّةً وحيدة. لكنّ غياب بنية للمسرح في السعودية لم تكن عائقاً أمام انتشار نصوصه من خلال النشر على موقعه الإلكتروني.
يستقي الكاتب مواضيعه من مثل شعبي، أو من خبر في جريدة: «المهم أن يكون الإنسان هو الموضوع الأول» يقول الحايك. النص الذي أثبت وجوده على ساحة المسرح العربي، حمل عنوان «المزبلة الفاضلة» عن عالم الهامشيين المليء بالتناقضات. حرّض النصّ مخرجين كثراً على تقديمه، وخصوصاً من جيل الشباب. «ما استفزّهم هو عنوان النص ذاته، وبيئة النصّ التي تدور حكايته في مزبلة، استوطنها نماذج من البشر». هذا النص وغيره من النصوص حققت له حضوراً واهتماماً من قبل مسرحيين وجهات مسرحية خاصة في الكويت والمغرب والإمارات، رغم حضوره الباهت في المشهد المسرحي السعودي، «إلى درجة عدم وضعي في قائمة كتّاب المسرح السعوديين في حال الكتابة عن الشأن المسرحي»، يقول.
منذ عام 2000، حضر موضوع الثورة في الخليج في نصوصه، وتحديداً في مسرحية «فصول من عذابات الشيخ أحمد» التي يراها إسقاطاً على وضعنا الراهن. «فكرة الثورة ضدّ الاضطهاد والاستبداد قديمة في نصوصي، وكنت شغوفاً بحكايا الخليجيين القديمة، وخصوصاً تلك التي تروي ثورتهم على الاحتلال البرتغالي، والاحتلال البريطاني بعد ذلك ـــــ يشرح الحايك ـــــ ربما لأنني أحلم بمدن فاضلة تسودها العدالة، وقيمة الإنسان».
كتب النصّ قبل عشر سنوات، وعرض عشيّة الغزو الأميركي للعراق، «ما جعله يحمل دلالات لم أكن أقصدها ساعتها، لكنّي أحاول الكتابة عن قضايا لا تموت، والثورة ضد الاستبداد قضيّة أبديّة». يرى أنّ التجارب الخليجية أثبتت وجودها على خريطة المسرح العربي، واستطاعت الوصول إلى العالمية، مثل البحريني عبد الله السعداوي، والكويتي سليمان البسام.
يعتبر الحايك أنّ تأخّر المسرح السعودي عن الخشبات العربيّة يعود إلى عناصر عدّة، أهمّها العادات والتقاليد التي غيّبت المرأة، وغياب الدعم الرسمي من جهة أخرى، إضافةً إلى كسل المسرحيّين السعوديين، ما يمنعهم من تطوير مسرحهم. فهؤلاء لا يعملون من دون غطاء ودعم رسمي، ويرفضون العمل ضمن مدرسة المسرح الفقير الذي لا يحتاج إلى إمكانات كبيرة. «كما أنّ هذا الغطاء الرسمي المنتظر يحدّ من حرية الكاتب على تناول قضايا قد يمنعها الرقيب، ما يجعل المسرح السعودي مسرحاً عادياً في مقارباته، لا يملك جرأة المساءلة».