دبي | لن تكون الدورة الثامنة من «مهرجان دبي السينمائي الدولي» DIFF كلّها «مهمّة مستحيلة». الفيلم الأميركي الذي افتتح المهرجان الأربعاء الماضي، صوّر جزء كبير منه في دبي، وشارك بطله توم كروز في الافتتاح. لكنّ القيمين على البرنامج اختاروا أيضاً «أفلاماً خارج التوقعات»، كما يقول شعار هذه الدورة، بعدما كان شعار العام الماضي «دورة الاكتشافات». بدأ المهرجان مع الأكشن إذاً بمشاركة كروز في عرض «مهمة مستحيلة ـــ بروتوكول الشبح»، إلى جانب المخرج براد بيرد.
وتواصلت الإثارة في اليوم التالي، لكن بطريقة مختلفة مع أفلام تأتي على النقيض من الانتاج الضخم لـMission Impossible. في هذا الإطار، قد يكون شعار «الاكتشافات» صالحاً أكثر من «خارج التوقعات»، وتحديداً عند الحديث عن الافلام المشاركة في مسابقة «المهر العربي». تغلب هنا التجارب الروائية الطويلة الأولى، مثل الأردني يحيى العبدالله في «الجمعة الأخيرة»، ومواطنته ديما عمرو في «فرق سبع ساعات». يعد شريط العبدالله بالكثير، ويتعقب حياة رجل مطلّق، ومقامر في عمان يحاول جمع المال، لإجراء عمليّة جراحيّة. ويمكن التعامل مع «فرق سبع ساعات» بوصفه سهرة تلفزيونية، تضيء علاقة امرأة أردنية برجل أميركي، لتقول لنا شيئاً مثل: «الأردنية أردنية والأميركي أميركي ولن يلتقيا».
اللافت أنّ الأفلام اللبنانيّة تهيمن هذا العام على «المهر العربي»، مع «تاكسي البلد» لدانيال جوزف، و«تنورة ماكسي» ليوسف جو بوعيد، وكلاهما في تجربتهما الروائية الطويلة الأولى. وهناك أيضاً جديد دانيال عربيد «بيروت بالليل» الذي يعرض في «دبي»، في وقت منعت فيه الرقابة اللبنانيّة عروضه التجاريّة في الصالات اللبنانيّة. «بيروت بالليل» نبش لهذا الليل وما يخفيه. ستحضر أجواء عربيد السينمائية، مع بطلة هي مغنيّة ليليّة اسمها زها (دارين حمزة)، تخوض غمار علاقة محمومة مع ماتيو (شارل بيرلينغ)، وهو محامٍ فرنسي يلفه الغموض، ويتنقل بين بيروت ودمشق لعقد اتصالات مع الحكومة السورية. بموازاة العلاقة، ستتشابك خيوط كثيرة عند ماتيو، وخصوصاً من خلال علاقته بحسين الذي يطلب مساعدته لكونه يمتلك شاهداً على علاقة بجريمة مقتل رفيق الحريري.
يحضر أيضاً المغربي حكيم بلعباس مع جديده «شي غادي وشي جاي». وبين الذاهب والعائد نعثر على موضوع حاضر دوماً هو الهجرة غير الشرعية. مع كثرة الأفلام المغربيّة التي تناولت الظاهرة، يمضي شريط بلعباس خلف «الحراقة»، لكن من زاوية من يخلفونهم وراءهم. يقول لنا إنَّ مأساة من يبتلعهم البحر تطاول من حولهم أولاً، وإنّ انتظارهم يشبه انتظار غودو. الكردي العراقي هينر سليم، يقدّم فيلماً مميزاً بعنوان «سأقتلك، إن متّ»، ويضعنا في سياق ملاحقة شاب كردي لمسؤول عراقي سابق في باريس.
في مسابقة الأفلام الوثائقيّة، تسجّل الأفلام اللبنانيّة حضوراً قوياً أيضاً مع «الحوض الخامس» لسيمون الهبر ويتناول سائقي الشاحنات، بينما يقدم نديم مشلاوي فيلماً مهماً بعنوان «القطاع صفر» ينبش فيه الحرب الأهلية. وفي مسار متصل/ منفصل، يأتي «يامو» لرامي نيحاوي عن الزواج المختلط. أمّا هادي زكاك فيقدّم «مارسيدس» الذي يتخذ من السيارة الألمانية الشهيرة، وتحديداً طراز 180، أو «المدعبلة» كما يسمّيها اللبنانيّون، معبراً إلى تاريخ وطن وتحوّلاته.
الثورات العربية حاضرة في مسابقة الوثائقي عبر ثلاثة أفلام، أوّلها «1/2 ثورة» لعمر الشرقاوي وكريم الحكيم، وهو حتى الآن أفضل وثائقي عن ثورة «25 يناير»، من الناحية الفنية والتوثيقية. وعن الثورة المصرية أيضاً، يقدم أحمد رشوان «مولود في 25 يناير» وفق مبدأ التوثيقي الأتوبيوغرافي. أما الثورة التونسية فتحضر عبر فيلم مراد بن شيخ «لا خوف بعد اليوم» حيث يرصد الثورة عبر روايات شخصيات يسارية تونسية. أما في قسم «ليالي عربية» الذي يعرض 16 فيلماً، فيشارك وثائقي «ثمن الملوك» (73 د) للمخرج ريتشارد سيمونز عن الرئيس الفلسطيني الراحل أبو عمّار. يقدّم العمل لقطات ومقاطع فيديو نادرة ومقابلات مع شخصيات ارتبطت بالزعيم الفلسطيني الشهير، بينها أرملته سهى التي حضرت عرض الفيلم. باختصار، فالدورة الثامنة من «دبي» تقترح نفسها دورة الفيلم العربي، وسط أفلام تخطى عددها الـ171.

«مهرجان دبي السينمائي»: حتى 14 كانون الأول (ديسمبر)
www.dubaifilmfest.com



جسور ثقافيّة

إلى جانب الأفلام العربيّة، ستشهد مسابقة «المهر الآسيوي الأفريقي» منافسة محتدمة بين أسماء مثل الإيراني محمد روسولوف مع فيلم «وداعاً»، والتركي نوري بيلج جيلان في «حدث ذات مرة في الأناضول»، والإيرانية نيكي كريمي في «الصفارة الجميلة»... وسيختتم المهرجان (14/ 12) بفيلم سايمون كورتس «أسبوعي مع مارلين».