يشهد «الفنان» نجاحاً مطّرداً، منذ عبوره المظفّر في «مهرجان كان السينمائي» الأخير (جائزة أفضل ممثل لجان دوجاردان). بعد انتهاء العرض، وقف الحضور مصفّقاً لفيلم فيلم ميشال هازانافيسيوس، 15 دقيقة متواصلة. هارفي واينشتاين، أحد كبار منتجي هوليوود، اشترى فوراً حقوق عرضه في الولايات المتحدة. قد يبدو الأمر غريباً لفيلم فرنسي بالأبيض والأسود، وصامت أيضاً.
في هذا الشريط الميلودرامي الذي تدور أحداثه بين 1927 و1932، يحكي هازانافيسيوس قصة جورج فالانتان الذي يؤدي دوره ببراعة الممثل الفرنسي جان دوجاردان.
جورج الذي كان أحد أشهر وجوه السينما الصامتة، بدأ يفقد شعبيته مقابل صعود شعبية السينما الناطقة. بينما تصعد شعبية الممثلة الناشئة بيبي ميلر (بيرينيس بيجو) التي شاركت بدور صغير مع جورج، ثم وجدت فرصتها في الأفلام الناطقة. يرفض جورج المشاركة في هذه التقنية الجديدة ويصر على أنّها ستنقرض. يترك الأستوديو ليكمل مسيرته، ويموّل بنفسه فيلماً صامتاً يلقى فشلاً ذريعاً، ينتهي معه جورج إلى الفقر والنسيان، لتبحث عنه بيبي وتحاول إقناعه بتأدية دور ثانوي في فيلم لها.
يبدو أنّ الفكرة شغلت ذهن هازانافيسيوس المعجب بالسردية الهوليوودية في تلك الفترة. بعد فيلمين تهكميين لأفلام الجاسوسية، «OSS 117: ضياع في ريو» و«OSS 117 القاهرة، عش الجواسيس»، انخرط في مشروعه المنتظر. يقول هازانافيسيوس (1967) إنّه بدأ دراسة بنية الفيلم الهوليوودي الكلاسيكي الصامت وأسلوبه السردي. ثم اختار القصة بعدها. لم يرد تقليد الفيلم الصامت، بل أراد نسخة حديثة له. والقصد هو توجّه الشريط إلى جمهور معاصر قد يكون حذراً في تقبل نوعية مماثلة من الأفلام. بالإضافة إلى ذلك، هناك مغامرة مالية تتمثّل في تمويل استوديوهات الإنتاج مشروعاً مماثلاً. الرهان إذاً كان كلياً على عاتق هازانافيسيوس، كتابة وإخراجاً، للخروج بعمل مقنع. لكن الفيلم لقي نجاحاً عالمياً: حاز دوجاردان جائزة أفضل ممثل في «كان»، ورشح لجائزة أفضل فيلم أوروبي، وفي انتظار أن ينال نصيبه من الأوسكار أيضاً. ذكر هازانافيسيوس مرة أنّ الأفلام الصامتة هي الطريقة المطلقة لصانع الأفلام كي يروي حكاية، وهذا ما يمكن مشاهدته في «الفنان» الذي يحتفي بالسردية البصرية للسينما.




The Artist: ابتداءً من 15 ك1 (ديسمبر) في «متروبوليس أمبير صوفيل» (بيروت). للاستعلام: 01/204080