دمشق | «الدراما السورية في خطر»، جملة يردّدها هذه الأيام نجوم الدراما في سوريا وصنّاعها، ليلاقيهم عدد من المراقبين والنقاد الذين يقولون إنّ هذه الصناعة دخلت غرفة الإنعاش وتعيش أيامها الأخيرة. وفي مقابل هذا التشاؤم، تبرز تصريحات لبعض المنتجين، يؤكدون فيها نيّتهم البدء بتنفيذ أعمالهم، فما هو المشهد الحقيقي للخريطة الدرامية؟ ولماذا ينعى البعض الصناعة الأكثر جماهيريةً في سوريا؟ لا شكّ في أن الأزمة السياسية، والحصار الاقتصادي، والعقوبات العربية بدأت تظهر نتائجها في الشارع السوري. لكن مع ذلك، يرى البعض أنّ كل ما سبق لا يقف في وجه تسويق الدراما. ويستشهد هؤلاء ببعض الأعمال التي تنفّذ لصالح قنوات خليجية. هكذا بدأت رشا شربتجي تصوير مسلسل «بنات العيلة» الذي تنفذه «شركة كلاكيت» السورية لصالح محطة «أبو ظبي». كما أن mbc تعتزم إنجاز جزءين جديدَين من السلسلة الشامية «باب الحارة». كذلك، يؤكد بعض المنتجين والمحطات في مصر ولبنان نيتهم شراء الدراما السورية في الموسم المقبل.

إذاً ليس هناك على أرض الواقع أي مقاطعة محتملة لإنتاج الدراما من قبل القطاع الخاص. لكن تبقى «المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني» الشركة الوحيدة المهددة بالقرارات العربية لكونها مؤسسة حكومية، تليها «شركة سوريا الدولية» على اساس أنّ مالكها هو رجل الأعمال والنائب السوري محمد حمشو الذي ورد اسمه بين الشخصيات الذين طاولتهم العقوبات الاقتصادية. وحتى الساعة، لم تبدأ «سوريا الدولية» بتصوير أيّ من أعمالها رغم اختيارها مجموعة سيناريوهات وتكليف بعض المخرجين بإنجازها. ويأتي ذلك رغم أن بعض المخرجين قد أعلنوا عن مشاريعهم التي يفترض أن تنتجها الشركة. ومن بين هؤلاء المثنى صبح الذي سبق أن تحدّث عن مسلسله «سكر مالح». كذلك فعل زهير قنوع بعدما انتهى من كتابة مسلسله «زيت كاز» الذي يؤدي بطولته النجم أيمن رضا. في حديثه مع «الأخبار»، يكشف هذا الأخير أن بعض المنتجين «يطلقون تصريحات لا أساس لها من الصحة». ويستشهد بما قاله منتج عن نيته تنفيذ جزء ثان من أحد مسلسلاته «عندما اجتمعت به قال إن كلامه مجرّد بروباغندا هدفها الإبقاء على التعامل مع كل المحطات». ويضيف أنّ أغلب المنتجين لا نية لديهم للمغامرة في ظل الأوضاع غير المستقرة في سوريا. أما عن سبب تأخير مسلسله حتى اليوم، فيقول بطل «بقعة ضوء»: «ربما لم تتمكن «شركة سوريا الدولية» حتى الآن من التعاقد مع الشخصية الثانية في العمل، أو لأسباب أخرى تتعلق بوضع الشركة وتهديدها المباشر بالمقاطعة». من جانب آخر، لا يخفي النجم السوري تسلّل اليأس إليه بالنسبة إلى مستقبل مهنته «لذا بحثت ووجدت مصادر دخل مختلفة بعيدة عن عملي كممثل».
بدوره، يقول المخرج سامر البرقاوي في اتصال مع «الأخبار» إنه حتى الساعة لا وجود لأي خطوات تكشف نية المحطات العربية مقاطعة الإنتاج السوري. ويضيف أنّ «الدراما السورية تعتمد على خبرات سورية فقط. لذلك لن نواجه مشكلة في تنفيذ الأعمال، بل في التسويق فقط وهي مسألة يمكن حلها». وهنا يحيل البرقاوي الأمر إلى وزارة الصناعة متمثلة بلجنة صناعة السينما، ويطلب منها إيجاد صيغة حقيقية وسريعة تساعد المنتجين على تنفيذ أعمالهم بسرعة.
إذاً تبدو مشكلة الدراما السورية بعيدة عن ملف المقاطعة العربية المفترضة. الأزمة الحقيقية تكمن في المنتجين الذين ينتمي أغلبهم إلى نادي التجار الذين أغراهم الربح الوفير لصناعة الدراما. وها هم اليوم يترقبون بحذر الأوضاع السياسية والاقتصادية ويتريثون للدخول في الإنتاج مكتفين ببيع الكلام المجاني عن مشاريع مفترضة لا يعرف أحد مواعيد محددة لإنجازها...