القاهرة | مرت عقود على رحيل هدى شعراوي. مرت أنظمة سياسية، ولم تمر حقوق المرأة خارج المربع صفر. رحلت رائدة كبيرة، وظهرت رائدات كثيرات، بعضهن قدمن أرواحهن للثورة، وأخريات قدن احتجاجات عمّالية وسياسية. لكن كلهن سيبدأن من نقطة الصفر مجدداً! اضطهاد المرأة لأنّها امرأة كلام فارغ. أصل الحكاية أنّ الرأسمالية المصرية المشوّهة سحقت الأطراف الأضعف في المعادلة الطبقية. اضطهدت الفئات الأكثر فقراً في المجتمع، والمرأة شأنها شأن العامل الفقير، والقبطي الفقير، والمسلم الفقير. المرأة الغنية في مصر لا تعاني الاضطهاد، وحقوقها متقدمة بخمسين سنة عن حقوق كل الرجال والنساء المنتمين إلى الطبقة الفقيرة.
لذلك، فتحقيق خطوات إيجابية في مجال تحرير المرأة المصرية لن يحصل من دون تحرك شعبي لإسقاط أساسات نظام السوق الذي يحكم مصر، ويوظف التفسيرات الرجعية للدين، والقوانين التمييزية للسيطرة على وعي الجماهير وتفتيت حركتهم. هذه هي القصة التي تحكيها الكاتبة والمناضلة النسوية فتحية العسال التي ابتهجت لأن هناك من يتذكر «الزعيمة هدى شعراوي». تقول إن حقوق المرأة لن تُنتزع بالندوات التي تعقد في الفنادق المكيّفة بل باستكمال نضالات المرأة لانتزاع حقوقها في المصنع والنقابة، والحزب السياسي بجوار الرجل.
الناشطة البارزة بثينة كامل تلخص موقفها في الدفاع عن المرأة بترشيح نفسها لرئاسة الجمهورية: «المرأة متساوية مع الرجل في الظلم، وقلب المعادلة مشترك». التضحيات التي قدمتها المرأة المصرية في الثورة لم تنعكس على نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية المصرية. لم تنجح امرأة واحدة من اللواتي خضن معركة النضال قبل سقوط نظام مبارك. منى عزت الباحثة في «مؤسسة المرأة الجديدة» ترى أنّ نضال المرأة من أجل انتزاع حقوقها جزء من التاريخ الاجتماعي للمصريين «ولا يبدأ من نقطة هدى شعراوي. ربما في أيامها، كانت حقوق المرأة أفضل من اليوم. كانت المرأة جزءاً أساسياً من الحركة الوطنية. لكن تحالف المد الوهابي مع دولة مستبدة تميّز ضد المرأة أدى إلى ارتفاع العنف ضدها». عزت ترى أن الحركات النسوية الحالية هي حركات نخبوية «تحتاج إلى النزول إلى الحواري والأحياء الفقيرة، لتوعية المرأة بأن انتزاع الحقوق الاقتصادية مرتبط بانتزاع الحقوق السياسية».