دمشق | في السنوات الماضية، كان السوريّون يتبادلون رسائل التذكير بالشعب الفلسطيني عند اقتراب أعياد الميلاد ورأس السنة، فيما كان بعضهم يُضرب عن الاحتفال تعاطفاً مع الدم الذي يهرق على أرض فلسطين. لكن هذا العام، تبدّلت الأدوار. بينما كان العالم يرتدي حلّته استقبالاً للعام الجديد، وكان الأطفال الفلسطينيون يطلقون حوالى 1000 بالون من ألوان العلم الفلسطيني، استعداداً للاحتفال بالعيد من خلال مسيرة انطلقت من «نادي العمل الكاثوليكي» في بيت لحم، وجابت شوارع «المدينة المقدسة»، وصولاً إلى ساحة كنيسة المهد لإضاءة الشموع والتعرف إلى الكنيسة ومعالمها، كان السوريون يضمدون جراحهم، من دون أن يعرف أهل الشام للأعياد أيّ طعم أو لون، سوى لون الدم الذي يقطر من كل مكان....

بعدما مرت أعياد 2011 السابقة على عاصمة الأمويين من دون أن نلمح الطقوس المعتادة التي كانت ترافقها، ها هي أعياد الميلاد ورأس السنة على وشك العبور بصمت، مثلها مثل كل المناسبات التي سبقتها، رغم أنّها الأكثر شعبية وحضوراً في سوريا. قبل الأزمة، كانت تنتشر أشجار عيد الميلاد في كل مكان، وتتزيّن الشوارع بالأضواء وبتماثيل «سانتا كلوز» مع تثبيت شاشات عرض كبيرة أمام محال بيع الأفلام، حيث تُعرض طقوس الاحتفالات وأفلام خاصة بالعيد، وانتشار الإعلانات الطرقية واللافتات التي تعلن برامج السهر في ليالي العيد... كل ذلك وسط ازدحام كرنفالي في الأسواق والمطاعم والمقاهي، لكنّ هذه الأخيرة باتت تحتضن اليوم هموم السوريين وأوجاعهم وقلقهم الممزوج بالقهر على ما حلّ بمناسباتهم. لقد تحولت استعدادات الميلاد ورأس السنة إلى نضال يومي بالنسبة إلى شريحة كبيرة من الشعب، بحثاً عن قارورة غاز، أو عشرين ليتراً من المازوت، بمحاذاة أزيز الرصاص، الذي يصل الليل بالنهار في بعض مناطق ريف دمشق. هكذا، غابت الزينة المبشّرة بالأعياد في الشوارع، مقابل سيطرة الأزمة والهواجس والتساؤلات على ملامح العام الجديد، الذي ينتظر السوريين. هكذا، يبدو أنّ «الكريسماس» لن يمر من دمشق، كما اعتاد أن يفعل كل عام....