حين بلغت المناضلة النسوية خليدة تومي (1958) كرسيّ وزارة الثقافة عام 2002، وعدت مثقفي الجزائر بإحداث نقلة نوعية، وبإعادة صياغة نجاحات جاك لانغ، وزير الثقافة الفرنسي الأسبق، على الطريقة الجزائرية. اليوم، بعد مرور عشر سنوات على وجودها في وزارة الثقافة، ووسط شائعات عن خروجها من الحكومة في الربيع المقبل، دخل قطاع الثقافة نفقاً من الأزمات، وضاعت أحلام المتفائلين، وصار يشار إلى الوزيرة بأصابع الاتهام.
تومي متهمة بالتعامل مع مبدعي وفناني بلدها وفق معايير متباينة. ففي وقت يلهث فيه مخرجون مكرّسون بحثاً عن دعم مادي لمشاريعهم، أمثال مرزاق علواش ونذير مخناش... جاء التقرير الأخير لمجلس المحاسبة ليكشف عن صرف الوزارة عام 2009، مبلغاً يقارب 15 مليون دولار، لدعم فيلم «خارجون عن القانون» لرشيد بوشارب، إضافةً إلى شريطين قيد الإنتاج هما «لالة فاطمة نسومر» و«رائحة الجزائر»، لرشيد بلحاج، لكنّ مصير الشريط الثاني مجهول حالياً، بعد انسحاب النجمة إيزابيل أدجاني من المشاركة فيه. الوزيرة التي انتقلت في رأي منتقديها من اليسار إلى اليمين، يعاب عليها ضعف تواصلها مع المثقفين، وعداؤها لوسائل الإعلام، وتركيزها على «خندقة» الفعل الثقافي في احتفاليات وتظاهرات «كرنفالية». ويشير الباحث والمستشار في هيئة الأونيسكو عمار كساب، إلى أنّ «أهمّ عاملين أسهما في إضعاف الفعل الثقافي في الجزائر، يتمثلان في احتكار الدولة (ممثلة بالوزارة المعنية) النشاط، وتغييبها القطاع المستقل». المنطق الأبوي المفروض على الساحة الثقافية يمنع التجارب والمحاولات الفردية من البروز. كلّ ما يدور من أنشطة في الجزائر، يجري تحت وصاية الوزارة. وما يحسب لمصلحة تومي هو نجاحها، مثل جاك لانغ، في مضاعفة ميزانية وزارة الثقافة الجزائرية (التي تبلغ اليوم 450 مليون دولار)، لكنّها تميل إلى تأطير القطاع ضمن رؤية «محلية». الجزائر تعدّ من آخر الدول العربية التي ترفض التصديق على اتفاقية الأونيسكو عن تنوّع التعابير الثقافية. وبحسب عمار كساب، يتمثّل الرهان الأهم «في توسيع هوامش حرية التعبير الثقافي والفني، والاستجابة لميول الجمهور المتلقّي. وهما مطلبان لن يتحقَّقا ما لم يُفتح المجال أمام القطاع المستقل».