دبي | رغم أنه عرض في العديد من المهرجانات الدولية منذ الصيف الماضي، قر صنّاع فيلم «بيروت بالليل» تأجيل عرضه تجارياً في بيروت حتى موسم أعياد الميلاد ورأس السنة ليشاهده أكبر عدد من الجمهور اللبناني. غير أن أحلامهم تحطّمت على صخرة الواقع، فمنطق الرقابة اللبنانيّة لا يتماشى مع منطق الابداع.
في «مهرجان دبي السينمائي الدولي» الذي اختُتم أمس، لم يكن سهلاً الحصول على بطاقة لحضور أحد عرضي «بيروت بالليل» الفيلم الروائي الطويل الثالث لدانيال عربيد. إلى جانب شهرة المخرجة في الوسط السينمائي العربي، جاء قرار منع الأمن العام في بلدها بفرض مجزرة على الفيلم شرطاً لمنحه تأشيرة العرض ليضع عربيد تحت الأضواء. «الأخبار» التقت عربيد ومنتجة الفيلم سابين صيداوي في كواليس مهرجان دبي. أكّدت صيداوي أن الفيلم لم يمنع نهائياً، لكن الأمن العام اشترط عرضه للكبار فقط (فوق 18 سنة) وهو ما وافق عليه فريق العمل رغم أن الشريط سيعرض كاملاً على قناة arte الألمانية الفرنسية في 20 كانون الثاني (يناير) المقبل. لكن الشرط الثاني كان حذف المشهدين اللذين يحملان بعداً سياسياً يتعلق بقضية مقتل الرئيس رفيق الحريري. أما عربيد فقالت لـ«الاخبار» إنّها تنتظر الدعم من كل المثقفين اللبنانيين والعرب لأنّها لن توافق أبداً على عرض الفيلم بعد قطع أي مشهد منه، مؤكدة أنّها لا تتفّهم أساساً قيام أي شخص غير صنّاع الفيلم بحذف مشاهد منه: «أسوأ فيلم في العالم، لا أقبل الحذف منه. حتى المشاهد الحسّية في الفيلم ترتبط بالأحداث التي تدور حول قصة حب بين فتاة لبنانية ورجل فرنسي. ومع ذلك، استجبنا لشرط عرض الفيلم «للكبار فقط». لكن يستحيل قبول الشرط الثاني. لن أقصّ من فيلمي مليمتراً واحداً».
وأكّدت المخرجة اللبنانية (1970) أنّ الاستجابة لهذا الشرط تعني تقديم فيلم مشوّه للجمهور اللبناني. وتقارن بين ما حدث لفيلمها وما جرى لنجيب محفوظ في مصر، عندما اتهمه أحد الدعاة السلفيين أخيراً بأنّ رواياته تحضّ على الرذيلة. كيف نتصوّر أن يملي أي رقيب في العالم على «عميد الرواية العربية» أن يحذف مقطعاً واحداً من أي من رواياته؟ وأوضحت سابين صيداوي أنّ الفيلم لا ينحاز لأي طرف من الأطراف السياسية في لبنان، لكنّه يستوحي أحداثه من قصص حقيقية، مقدّماً حالة انسانية ذات خلفية سياسية.
دانيال عربيد واثقة من فيلمها «بيروت بالليل» الذي تدور أحداثه في مدينة متأرجحة بين الحرب والسلم الوهمي. وهي باتت تعرف أن الطريق مفتوحة أمامها إلى مختلف المهرجانات العربيّة والدوليّة... لكن ماذا عن عرضه لجمهوره الأصلي في الصالات اللبنانيّة؟ هل نستعيد القول الشهير «ليس المرء نبيّاً في وطنه»؟