Pixelated Revolution عنوان عرض ادائي على شكل محاضرة، قدّمها ربيع مروة لجمهور منتقى في فضاء «أشكال ألوان» البيروتي، قبل الانتقال بها الشهر المقبل، إلى الولايات (Pixelated أو «محبحبة»، «مبرغلة»، تقال عن صورة ضخّمت النقاط أو الحبيبات التي تتشكّل منها). يبحث العرض في البعد الحرفي والفلسفي لدور الهاتف الخلوي في الانتفاضة السورية الراهنة. بدايةً، يجري مروة مقارنة بين نصائح التصوير المتداولة بين الثوّار على الشبكة العنكبوتية، والقوانين التي عرفناها تحت اسم مانيفستو Dogma 95.
ثم يقارب عدسة الخلوي ومن ورائها الفرد الذي يصوّر قاتله بنظرية شبكة العين القادرة على حفظ الصورة الأخيرة لقاتلها بعد موت الضحية. ثم يختم بعلاقة الـ tripod (قوائم تثبيت الكاميرا) بالسلطة المنتِجة لصورة ثابتة بعكس صورة الثوار. عرض أثار جدلاً بين الحضور الذي أتى ليستكشف نظرة مروة إلى ما يحدث في سوريا اليوم، وسط انقسام الرأي الحاصل في لبنان والعالم العربي. خرج بعض المشاهدين سعيداً بزاوية مقاربة الحدث التي اختارها الفنان الادائي المعروف. فيما بدا بعضهم الآخر مستاءً من خيارات مروّة الذي أجبر جمهوره على مشاهدة أشرطة فيديو لقنّاصين يقتلون حاملي هواتف... وهي مشاهد رفض كثيرون مشاهدتها على يوتيوب لأسباب مختلفة. أما الجدل الأكبر، فدار حول توقيت تقديم العمل واستغلالاته وأبعاده المختلفة.
اندلعت الاحتجاجات الشعبيّة السوريّة في مارس 2011. وكان طبيعياً أن يتناولها مروة الذي ترتبط أعماله بسياقها الاجتماعي والسياسي. لكن السؤال هنا يتعلّق بالخيار «المفهومي» الذي يقف خلف العرض. أليس مبكراً أن نتطلّع إلى آلية التصوير، وعلاقتها بمانيفستو سينمائي، أو نظريّة شبكة العين. يحمل طرح «ثورة مبرغلة» أسلوباً بريختياً واضحاً، من شأنه دفع الجمهور إلى الانفصال عن الحدث كي يستطيع رؤيته بصورة أوضح... في وقت ما زال الفرد الواقف فيه وراء الكاميرا يقتل حتى اليوم! ألا يدفعنا العرض إلى اتخاذ مسافة علميّة من جريمة قتل ممنهج، طالباً منّا أن نتأمل في الإسقاطات الفنيّة والفلسفيّة على فعل قنص مجاور ومتواصل في الزمان والمكان؟
فيما يستسلم الرأي العام اللبناني لمواقف سياسيّة متضاربة، تنسى في معظمها الأفراد الذين يقتلون كل يوم، هل يستطيع الفن أن يدعونا إلى أخذ مسافة من الجريمة، أمام شاشة تعرض مشاهد القنص والقتل؟ بعد انسحاب مروة من المسرح، نبقى نحن مع السؤال المحيّر: أيّهما الأكثر إلحاحاً، الجريمة أم طريقة توظيفها؟