القاهرة | في الأيام الأخيرة، تلقّى صحافيّون مصريّون يعدّهم المجلس العسكري من «المحرّضين» على الثورة، رسائل شخصية وتهديدات بالقتل «والتشويه بمياه النار الحارقة». الرسائل مصدرها أرقام خاصة، لا تظهر على شاشة الهواتف الخلوية، ويقول مرسِلوها: «الهجوم على المجلس العسكري خط أحمر»، إلى جانب كيلهم الشتائم. وقد وصلت هذه التهديدات إلى مجموعة كبيرة من الصحافيين المخضرمين، وحتى المتدرّبين. ومن بين هؤلاء: عادل حمودة، وإبراهيم عيسى، ووائل الإبراشي، وعمرو الليثي، ومجدي الجلاد، ولميس الحديدي...
أما ردّ وزارة الداخلية على هذه الحملة، فكان مجرّد استخفاف بعقول المصريين. قال وزير الداخلية محمد إبراهيم يوسف إنّ قوى الأمن قبضت على الشخص الذي يقف خلف هذه الرسائل، ليتضّح أن الفاعل هو... سائق الإعلامي عمرو الليثي (الصورة)! طبعاً تبدو رواية الداخلية خيالية وعبثية. وهو ما يردّ عليه الليثي في اتصال مع «الأخبار»: «الرواية لا تنطلي على مراهقين أغبياء... هذا كلام فارغ. عوّدتنا الداخلية في السابق أن تتّهم الأشخاص الذين يعانون اضطرابات نفسية لتغطية فشلها. أما اليوم، فغيّرت عادتها واتّهمت سائقي الخاص... إنها حقاً مهزلة». ولعلّ ما زاد من علامات الاستفهام بشأن الملفّ أن النائب العام الذي تلقّى بلاغات من الصحافيين المهددين، لم يحرّك ساكناً. أما الإعلاميون المهدّدون، فيعيشون حالياً حالة من القلق، وخصوصاً أنّ مجلس نقابة الصحافيين الجديد لم يقم بأي خطوة جدية حتى الساعة لحمايتهم. ومع ذلك، كتب عشرات الصحافيين ورقة جماعية اتهموا فيها المجلس العسكري بالوقوف خلف رسائل التهديد بالقتل. ونجحوا في جمع التواقيع اللازمة لعقد اجتماع طارئ للجمعية العمومية للنقابة لمناقشة «القضية الخطيرة التي تستهدف حرية الصحافة»، كما دعت الورقة الصحافيين إلى التجمّع في مقر نقابتهم لإعلان اعتصام مفتوح ضد ممارسات العسكر من دون تحديد موعده، على أن يشارك فيه «الزملاء الذين تعرضوا للتهديد بالقتل».
إذاً يبدو أنّ العسكر عاد إلى عادته القديمة، وكما تفرّج على حرق تراث مصر في «المجمع العلمي المصري» السبت الماضي، ها هو يطلق «بلطجيّته» لحرق الصحافيين وتهديدهم بالقتل. كذلك، عمد المجلس العسكري إلى إهانة الإعلاميين في مؤتمر صحافي عقد الاثنين الماضي حول المواجهات التي حصلت أمام مجلس الوزراء الأسبوع الماضي. ولا ننسى طبعاً قناصة المجلس الذين فقأوا أعين المواطنين، ومنهم صحافيون ومصوّرون في مجزرة شارع محمد محمود. وتطول لائحة انتهاكات المجلس ضدّ الصحافة لتشمل أيضاً تعرية مراسل جريدة «أخبار اليوم» سرحان سنارة وتعذيبه يوماً كاملاً في 28 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي في الإسكندرية كرد مباشر على قرار نقابة الصحافيين، التي رفضت مثول أعضائها أمام النيابة العسكرية.