القاهرة | «شرّك هوّ شرّي/ إن جوعك قط برّي/ بس إيه بعد التعري/ يتقيك برد الحاجات؟»، لا علاقة بين «التعري» في تلك الكلمات، وحادثة تعرية المتظاهرة المصرية أخيراً، لكنّ المغنية مريم صالح، ألغت حفلتها الأسبوع الماضي في «كايرو جاز كلوب» في القاهرة. «أنا فعلاً ما قدرش أغنّي مع اللي بيحصل في أخواتي وأهلي، مريم»، هكذا كتبت على صفحتها على فايسبوك.
تنقّلت مريم بين أسماء عدة: مريم صالح سعد، مريم صالح، مريم بركة، وأخيراً «مريم» فقط. في بدايات رحلتها للبحث عن صوتها الخاص، فقدت مريم والدها المخرج والمؤلف المسرحي البارز صالح سعد، ضمن شهداء حريق مسرح بني سويف عام 2005، لكن علاقة الابنة بالشأن العام بدأت قبل رحيل الأب، واستمرّت بعده... وكما كانت مريم واحدة من تلاميذ والدها، كانت أيضاً واحدة من تلاميذ الشيخ إمام. طريق من «المقاومة» سلكته مريم فناً وأداءً، وصولاً إلى مشاركاتها في حفلات «الفن ميدان» بعد الثورة. وطوال ذلك الطريق الطويل القصير، نزعت الفنانة الشابة إلى كسر الإطار التقليدي للموسيقى الشرقية... كأنّها تقول لنفسها «أنا مش باغنّي»، وربما تقصد «مش باغني... فقط». هي تغني وتصرخ وتتلمس مسارات جديدة تناسب خامة صوتها. يمتزج في أغنياتها الروك بالشرقي في «شطارة» واضحة، كما في أغنية «إصلاحات»، التي لحنتها من كلمات ميدو زهير. كتب هذا الأخير معظم أغنياتها، وتعاملت مع آخرين، منهم مصطفى إبراهيم مؤلّف «حصر مصر»: «بعد طرحك م الحساب للعساكر والكلاب/ والأرانب والفيران/ والأجانب والغيلان/ والأرايل والقرون/ والمرايل والدقون/ واللي فاضل يا أفاضل/ هو ده تعداد وحصر/ للعيال اللي جابتهم/ في الحلال الست مصر».
في أغنيتها «وطن العكّ»، يبدو اللحن تنويعة على اللحن الوهّابي القديم «مولاي وروحي في يده»، لكنّه أقرب إلى النسخة الهزلية من اللحن ذاته «كروان الفن وبلبله» في فيلم «دهب» لأنور وجدي وفيروز الصغيرة. تستخدم مريم اللحن عبر كلمات ميدو زهير لتنتج أغنية حافلة بالإشارات السياسية والاجتماعية: «دعونا نعشق وطن العكّ/ فإذا استهلكنا لا نحتجّ/ ونطسّ دماغنا في الحيطة/ فستثمر يوماً شاكاليتة/ ولا ينقد فرد حاكمه/ ولا تزعل نرمين من تيتة/ وان خلص القرش ما تتخانقوش/ وما تستنجوش من وسخ العقل/ ويا أجرة يا نقل، يا أجرة يا نقل». تبدو مريم قائدة أعمالها، لكنّ الواقع أنّها تستعين بفريق متنوع من المبدعين. إلى جانب زهير ومصطفى، تتعاون مع اللبناني زيد حمدان، والفلسطيني تامر أبوغزالة، والعازفين شادي الحسيني (بيانو)، ومحمد درويش (غيتار)، وأيمن مبروك (إيقاع)، وخيام اللامي (عود).