قبل الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، كان وادي تفاحتا في منطقة الزهراني (جنوب لبنان)، معقلاً للثورة الفلسطينية. وشهدت أحراجه الكثيفة ودهاليزه الوعرة ومغاوره العميقة على تحركات الفدائيين نحو الحدود مع فلسطين، وعلى خططهم لتنفيذ عمليات ضد العدو الإسرائيلي. حتى إنّ المغارة التي كان يجتمع فيها الرئيس الراحل ياسر عرفات بقادة الثورة لا تزال جدرانها ودهاليزها تذكّر بتلك الحقبة. اليوم وبعد سنوات من تحرير المنطقة من الاحتلال الإسرائيلي، عادت فلسطين إلى مقرّها في وادي تفاحتا، لكن هذه المرة ليس بوساطة الثوار، بل بصوت وديع الصافي (الصورة)، الذي اختار الوادي موقعاً لتصوير أغنيته المرتقبة التي تحيي عظماء فلسطين، وتحمل عنوان «رح خبرك يا جدي». هكذا بدأ صاحب «رح حلفك بالغصن يا عصفور» جلسات تصوير الأغنية على طريقة الفيديو كليب، في أجواء تنقل التراث الفولكلوري الفلسطيني. وتشارك في العمل فرقة دبكة، ومجموعة من الأمهات والأطفال الذين يرتدون الزي الفلسطيني.
ويشرح كاتب الأغنية وملحنها الفلسطيني المقيم في مخيم برج البراجنة، مصطفى زمزم أنّه توصل إلى فكرتها «بعدما لاحظتُ أن العرب يهتمون بتكريم سياسييهم، وزعمائهم، ورأسمالييهم أكثر مما يهتمون بتكريم مثقفيهم». ولأنّ القضية الفلسطينية في الداخل والشتات «كبرت واستمرت في إبداعات أبنائها»، وضع زمزم عمله كتحية لهؤلاء عبر تسمية عدد منهم في أغنية واحدة تمثّل حواراً بين جد وحفيدته تؤدي دورها تمثيلاً وغناءً لارا زمزم (12 عاماً). أما بالنسبة إلى اختيار الصافي لتأديتها، فلأن الأخير «حمل القضية الفلسطينية في فنه، ويُعدُّ رمزاً عربياً عابراً للحدود»، لافتاً إلى الترحيب الفوري الذي وجده من قبل الصافي، إذ وافق هذا الأخير سريعاً على المشاركة في العمل.
الأغنية التي أنتجتها «شركة باليستا للإنتاج الفني» تستذكر إبراهيم وفدوى طوقان، ومحمود درويش، ويحيى اللبابيدي وإدوارد سعيد، وسميح القاسم، وعبد الله حداد، ورياض البندك، وغيرهم من الشخصيات الفلسطينية.