قبل أيام، اشتعل الجدل في وسائل الإعلام المغربية على خلفية لباس لطيفة أحرار (الصورة) خلال «المهرجان الدولي للفيلم في مراكش». القفطان الذي كشف عن سيقان الممثلة المغربية أثار الجدل وعرّضها لانتقادات «حزب العدالة والتنمية» الإسلامي، وبعض رواد المواقع الاجتماعية، الذين عدّوا كشفها لسيقانها تعرياً! لكنّ التعري الحقيقي هذه السنة جاء في فيلم «جناح الهوى» لعبد الحي العراقي. الشريط حقّق أكبر إيرادات في الصالات السينمائية خلال الفصل الأول من السنة، وفق إحصائيات «المركز السينمائي المغربي». عبد الحي العراقي لم يتردد في تعرية بطلة فيلمه في مشهد في حمام بلدي، لكنّ جسد الممثلة لم يثر ضجة بسبب الجدل السياسي الذي واكب حراك الشارع الاحتجاجي. المشاهد «الساخنة» كانت حاضرة أيضاً في أفلام أخرى. وتميزت السنة بعودة التجارب الإخراجية الناضجة في السينما المغربية الجديدة، وخصوصاً «موت للبيع» لفوزي بنسعيدي، الذي يرسخ تجربته عملاً تلو آخر، كما شهدت السنة ظهور اسم جديد هو هشام العسري.
الفنان الشاب أخرج فيلماً بعنوان «النهاية» فبدا فيه متأثراً بعوالم الأميركي كوينتن تارانتينو، فيما صوّر نور الدين لخماري فيلمه «زيرو»، ونبيل عيوش «نجوم سيدي مومن».
2011 كانت أيضاً سنة المنع المقنّع. الحالة الأكثر وضوحاً جاءت مع عمل الروائي المغربي محمد لفتح (1946 ـــ 2008) «المعركة الأخيرة للقبطان نعمت». دار النشر الفرنسية «لاديفرانس» نشرت عمل لفتح الذي يحكي قصة عسكري مصري متقاعد يكتشف مثليته الجنسية. العمل نشر بعد ثلاث سنوات من وفاة لفتح، وحاز عنه «جائزة المامونية»، لكن لم يجرِ تداوله أبداً في المغرب، ليكتشف المهتمون أنّ العمل ممنوع على نحو مقنّع. وزارة الثقافة نفت أن تكون قد منعت تداوله، إلا أنّ أصابع الاتهام تشير إلى وجود منع مقنّع، لأن الكتاب لم يعبر الحدود المغربية عبر أيّ من الموزعين. المنع المقنّع «ميزة» مغربية هذه السنة، طاول شريط «فيلم» لمحمد أشاور الذي حاز عنه جائزة أفضل عمل أول، وأفضل ممثل مساعد خلال «المهرجان الوطني للفيلم في طنجة». قبل انتهاء الأسبوع الأول من انطلاق عرضه في أكبر صالة سينما في الدار البيضاء، سُحب العمل. والسبب «مشاهده الجريئة ولغته الصادمة». يحكي العمل الحياة الجنسية لمخرج وزوجته، وبحثه المستمر عن موضوع لفيلمه الأول. جرأة الفيلم صدمت المشاهدين الطهرانيين، حتى إنّ أحد المشاهدين بصق على عاملة في الصالة السينمائية احتجاجاً على عرض الفيلم. إسلاميو «حزب العدالة والتنمية» لم يعترضوا فقط على كشف أحرار لسيقانها، بل أيضاً على مهدي جورج لحلو، الذي كان يفترض أن يقدم أعماله في «المعرض الدولي للفن المعاصر والحديث» في مراكش، إذ تعرّض التشكيلي الشاب لنقد وهجوم شرس، لأنّه يشتغل على الرموز الدينية في أعماله.
في المقابل، شهد العام تنظيم مهرجانات بميزانيات ضخمة، أكبرها «المهرجان الدولي للفيلم في مراكش»، الذي يترأسه الملك محمد السادس. وتعرّض مهرجان «موازين» الموسيقي، الذي تنظمه جمعية «مغرب الثقافات»، التي يترأسها السكرتير الخاص للملك، وزميله أيام الدراسة محمد منير الماجدي، للعديد من الانتقادات، وخصوصاً من قبل حركة «20 فبراير». كذلك، تعرّضت المؤسسات الثقافية للعديد من الانتقادات. «اتحاد كتاب المغرب» ازداد ترهلاً وفقد بريقه، ولم ينظم مؤتمره رغم تجاوز المكتب الحالي لولايته. الاتحاد يعيش حالة شلل ووضعاً شاذاً منذ الانقلاب على رئيسه السابق عبد الحميد عقار عام 2009. من جانبه، كان وزير الثقافة بنسالم حميش ضحية انتقادات واسعة. كتّاب وفنانون نظموا وقفات أمام مقر وزارة الثقافة احتجاجاً على سوء إدارته للوزارة، وقاطع المسرحيون «المهرجان الوطني للمسرح في مكناس»، الذي تنظمه الوزارة، واصفين حميش بـ «مجنون الحكم».