لم يؤثّر الحراك الشبابي في الأردن في الحياة السياسيّة فقط. هذا الحراك الذي رفع سقف حريّة التعبير وجرت مواجهته بقمع غير مسبوق، ضرب عناوين معظم الإنتاجات الثقافية هذا العام، لكنه عجز عن الارتقاء إلى الشعور الثوري في محتويات هذه الإنتاجات. وإذ تبجّحت المملكة «الآمنة» دوماً بتراثها الثقافي على شكل فولكلور مشوّه يخدم توجهّات سلطويّة، فإنها أصبحت مضطّرة الآن إلى إنتاج ثقافة تقترب من الثقافة البديلة التي وجدت لها حيّزاً في المشهد المحلي.
هكذا عاد «مهرجان جرش» بعد ثلاث سنوات من تغييبه، معوّلاً على نجوميّة جورج وسّوف، وملحم بركات ونجوى كرم ونبيل شعيل وعمر خيرت. في هذه الأثناء، كانت الثقافة البديلة تقدّم مهرجانها الخاص. استقطب «مهرجان موسيقى البلد» جمهوراً تفوّق أحياناً على مهرجان جرش، وخصوصاً مع استضافة أميمة الخليل، وسعاد ماسّي، وسناء موسى، وفرقتي «كزا مدى»، و«بسيطة»، وأبرز الموسيقيين الأردنيين مثل فرقة «المربّع»، ويعقوب أبو غوش، وناصر سلامة، و«كورال الشّعب». موسيقيّاً، تجذّرت الموسيقى البديلة، وبرزت فرقتا «المربّع» و«آخر زفير». أما أبرز التجارب، فكانت تجربة طارق أبو كويك (الفرعي)، لكن هذا المشهد عتّم عليه رحيل أحد روّاد الأغنية الأردنية: توفيق النمري. وبينما ترسّخت الموسيقى البديلة، برزت تجارب في المشهد الفنّي مثل معرض الأردنيّة صبا عنّاب، واللبناني فؤاد خوري في «دارة الفنون»، الذي حاول القبض على فكرة «مدنيّة عمّان». بينما أنتج نضال الخيري والفنان المصري «جنزير» مطبوعة «زين العرب» التي تهدف إلى التفلّت من الرقابة. سينمائيّاً، مثّلت سنة 2011 فترة خصبة للإنتاج الأردني، الذي ما زال يخطو أولى خطواته رغم نيله جوائز عدة في المهرجانات، آخرها حصول «الجمعة الأخيرة» للمخرج يحيى العبد الله على جوائز لجنة التحكيم الخاصة، وجائزة أفضل ممثّل، وأفضل موسيقى ضمن «مهرجان دبي السينمائيّ». ورغم التأثير الذي تركته الثورات العربية في الإنتاج الثقافي، يصعب الحديث عن كتب أردنيّة مؤثّرة هذه السنة، فيما شُغل أعضاء رابطة الكتّاب بالشرخ الذي فرضته مواقفهم من الثورة السوريّة. وتطوّر الأمر إلى مناوشات عبر الفايسبوك والصحف.