القاهرة | نقاشات واسعة تدور في الجلسات المغلقة والمفتوحة وتجمع عدداً كبيراً من المثقفين والسياسين المصريين لمناقشة النموذج الذي ستكون عليه البلاد بعد الفوز الكبير لأحزاب الإسلام السياسي في الانتخابات البرلمانية. وانحصرت التوقعات بأنّ النظام الجديد سيكون شبيهاً إما بالنموذج التركي، أو الباكستاني، أو الإندونيسي، أو الطالباني أو الإيراني. إلا أن الإسلاميّين خالفوا كل التوقعات وظهرت مؤشرات على أنّ البلاد تتجه نحو النظام السعودي!
رجال يرتدون جلباباً قصيراً، ويسدلون لحاهم ويمسكون عصياً بأيديهم، ويحملون شارة تعريفية. إنّها صورة رجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المملكة العربية السعودية. لكن اليوم، باتت هناك نسخة جديدة منهم تصنع حالياً في بلد «ثورة 25 يناير» التي نادت بالحرية والكرامة؛ إذ أعلنت تلك الجماعة أخيراً ظهورها في مصر. صفحة على فايسبوك وبيان هما أدواتها حتى الآن.

في بيانها الأول، قالت إنّه «بُدئ بإنشاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اقتداءً بالأراضي المقدسة (السعودية)، واعتماداً على اختيار الغالبية العظمى من الشعب المصري للإسلام ولحكم الله بعيداً عن الليبرالية العفنة». و«بشّر» البيان المصرّيين بشرع الله الذي سيطبّق في بلادهم أخيراً. وعلى صفحتهم الخاصة، طمأن أعضاء الجماعة المواطنين المصريين إلى أنّهم لن يستخدموا أساليب التعنيف والإجبار، بل «الحوار والنصح والإرشاد حتى يمكِّننا الله من تطبيق شريعته».
ويزداد الولع لدى عدد كبير من الإسلاميين بالنموذج السعودي باعتباره «النظام الوحيد الذي يطبّق الشرع كما يجب». وكانت أعلام المملكة حاضرة في التظاهرات التي نظمها الإسلاميون في ميدان التحرير، وارتفعت معها دعوات التطرف التي ترتكز على فتاوى شيوخ وأئمة التيارات الإسلامية، بل بعض رؤساء الأحزاب الإسلامية. وتلقّى المصريون صدمات كثيرة منهم في الفترة الأخيرة، وآخرها فتوى أصدرها رئيس حزب «الأصالة» السلفي عادل عبد المقصود وتقضي بأنّ «تهنئة المسيحين بعيد الميلاد محرّمة». ولم تكن تلك الفتوى الأولى التي تزيد الهلع في الشارع المصري. المتحدث باسم التيار السلفي المصري رأى في تصريحات سابقة أنّ «أدب نجيب محفوظ يدعو إلى الرذيلة والإلحاد». وقبلها، طالب مشايخ بتغطية الآثار والتماثيل و«وضع حجاب» عليها.