لم تهبّ رياح التغيير العربية على الإعلام اللبناني في عام 2011. بقي المشهد العام ثابتاً على انقساماته السياسية والطائفية والفئوية. إلا أن تغييراً من نوع آخر شهدته أروقة القنوات والصحف المحلية، فسجّل العام حركة انتقال لافتة للإعلاميين من مؤسسة إلى أخرى: مدير مكتب بيروت في «الجزيرة» غسان بن جدو يقدّم استقالته من المحطة ويؤسّس مع نايف كريّم قناة «الميادين». ثمّ زاهي وهبي يعلن مغادرته قناة «المستقبل»، متّجهاً أيضاً إلى «الميادين»، التي جذبت كذلك لينا زهر الدين. أما ديما صادق، فانتقلت من نشرة أخبار الـ otv إلى lbc، بينما افتقد المشاهدون إطلالة دوللي غانم في النشرة المسائية، بعد إعلانها الاكتفاء بتقديم برنامج «نهاركم سعيد»، فيما وقّعت رابعة الزيات عقداً مع قناة «الجديد» لتقديم «والتقينا عند رابعة» الذي أوقفه القضاء، ليطلّ باسم جديد هو «وبعدنا مع رابعة»، لكن انضمام رابعة إلى المحطة قابلته في الجهة الأخرى مجموعة من الاستقالات لكل من أوغاريت دندش، وسلمى الحاج، ومالك الشريف، وأخيراً ماريو عبود الذي غادر القناة قبل أيام.
على جبهة الصحف المكتوبة، بدت الصورة أقلّ تحرّكاً رغم بعض التغييرات. ولعلّ أبرزها كانت مغادرة الزميل خالد صاغية صحيفة «الأخبار».
أما «النهار»، فاعتمدت على تصميم أكثر عصرية للجريدة، فيما أصيب مراسل «السفير» محمد بلوط خلال تغطيته للثورة الليبية. وعند الحديث عن الأحداث التي شهدها عالم الصحافة المكتوبة في لبنان، لا بدّ من التوقّف عند قرار وريثَي ملحم كرم، كرمة وكرم إقفال «دار ألف ليلة وليلة» وصرف مئات الموظفين من دون دفع التعويضات المالية اللازمة. وحتى الساعة، لا تزال القضايا القانونية عالقة في القضاء بين ثائر كرم،
وشقيقَيه.
ومن الصحف إلى التلفزيونات، عاد الحديث هذا العام عن دمج قناتَي «أخبار المستقبل» و«المستقبل» بسبب الأزمة المالية التي يعانيها تيار سعد الحريري. قبل أيام قليلة، صدر قرار بتأجيل عملية الدمج حتى نيسان (أبريل) المقبل، مما سيؤدي تلقائياً إلى صرف مئات العاملين في التلفزيون. وإن كانت عملية الاستغناء عن خدمات الموظفين في «المستقبل» قد تأجّلت، فإن lbc اتخذت خطوات سريعة في صرف أكثر من ستين موظفاً، إلى جانب إيقاف نشرة الأخبار على «الفضائية اللبنانية».
لكن مشاكل القنوات المحلية لم تقتصر على الأزمة المالية. شهد هذا العام تراجعاً كبيراً على صعيد المضمون الإعلامي.
شاهدنا ارتفاع منسوب العنصرية ضدّ الأجانب، وخصوصاً الفقراء. هكذا عرضت mtv تحقيقاً عن العمال الآسيويين والأفارقة في برج حمود، واستخدمت فيه مراسلتها كل عبارات التحقير والازدراء بحق هؤلاء. وحالما خمدت هذه القضية، أعادت عملية القتل الوحشية للشابة ميريام الأشقر، الخطاب العنصري إلى الواجهة. هنا ستُطلق كل الاتهامات والشتائم ضدّ العمال السوريين مباشرة على الهواء، ومن دون أيّ رادع أخلاقي أو مهني.
وسط كل هذه السقطات الإعلامية الكبيرة، كانت otv تتخبّط في مشاكلها الداخلية: عيّنت جوني منيّر مديراً للأخبار بعد جان عزيز، ليعود ويقدّم استقالته بسبب خلافات مع الإدارة.
وشهد العام نفسه استقالة المراسلتَين نسرين ناصر الدين، وإقالة شيرين ناصر، اللتين توجّهتا إلى قناة «آسيا» التي يديرها انتفاض قنبر، ويموّلها السياسي العراقي أحمد الجلبي. ومن المتوقّع أن تبدأ بثّها قريباً من بيروت.