على وقع الاحتجاجات الشعبية، بدأ عام 2011 في اليمن، فبرز على الساحة عدد من الإعلاميين الذين تعرّضوا للاعتقال، والضرب، والتهديد المباشر وغير المباشر من قبل نظام الرئيس علي عبد الله صالح. ومنذ انطلاق الشرارة الأولى للثورة، تعرّضت المطبوعات المستقلة للتضييق والمصادرة والحرق، وصولاً إلى طرد صحافيين من عملهم، ومصادرة مرتباتهم، وقصف منازلهم بـ... المدفعية الثقيلة! رغم كل هذا القمع، تمكّنت الصحافية والناشطة توكّل كرمان من تسجيل انتصار كبير للثورة في بلادها، بعد حصولها على «جائزة نوبل للسلام»، لكن هذه الخطوة دفعت الإعلام الرسمي إلى محاولة تجييش الرأي العام ضدّها، فاتهمها تارة بالعمالة للاستخبارات الأجنبية، وشكّك طوراً في يمنيّتها، مؤكداً أنها إيرانية الأصل. لكن عمليات القمع والتخوين لم تكن حكراً على النظام في اليمن. شهد العراق أحد أسوأ أعوامه منذ الاجتياح الأميركي. وجاءت التطورات السياسية في المنطقة لتنعكس على نحو مباشر على الساحة الإعلامية.
هكذا أصدرت بعض الصحف ملاحق خاصة دعماً لهذه التحركات، فيما نظّم الصحافيون بدورهم مجموعة من التظاهرات المطلبية والسياسية. وتعرّض أربعة صحافيين للاعتقال والضرب بعد مشاركتهم في تظاهرة 25 شباط (فبراير). كذلك اعتدت أجهزة الأمن على مقّر «مرصد الحريّات الصحافيّة» وقناة «الديار»، إلى جانب إضرام النار في مقر فضائيّة «ناليا» من قبل مجهولين. وكما كل عام، طاولت لائحة الصحافيين المعتقلين والمعتدى عليهم، لكنّ الأبرز كان اغتيال المسرحيّ والإعلاميّ هادي المهدي، والصحافيّ هلال بنون عبد الله الأحمدي، كما أودى هجوم انتحاري بحياة الإعلاميين صباح البازي، ومعمر خضيّر عبد الواحد. وقد شهد العام إنشاء عدد من وسائل الإعلام، بينها صحيفتَا «المستقبل العراقيّ»، و«الناس» ووكالة «الفرات نيوز»، وقناة «آسيا». أما نقابة الصحافيين العراقيين، فشهدت حدثين بارزين، الأول هو إجراء الانتخابات التي أدت إلى فوز مؤيد اللامي بمنصب النقيب للمرة الثانية. أما الحدث الآخر، فهو احتضان النقابة لـ«مؤتمر الاتحاد العام للصحافيّين العرب»، لكن يبدو أن الخلافات داخل النقابة دفعت بعض الصحافيّين إلى تأسيس كيان جديد هو «النقابة الوطنيّة للصحافيّين والإعلاميّين في العراق». تبقى الإشارة ضرورية إلى الجدل الذي دار في الوسط الإعلامي على خلفية قانون حقوق الصحافيّين، الذي أقرّه مجلس النواب قبل أشهر.
وكما في العراق كذلك في السعودية، بدا التضييق على وسائل الإعلام كبيراً. ورغم صدور تعديلات على قانون المطبوعات والنشر في المملكة، فإن عقوبات جديدة وغرامات ضخمة بقيت تُفرض على الصحافيين، كما أن التعديلات حرّمت انتقاد مفتي المملكة وكبار العلماء ومسؤولي الدولة. وتوصلت عمليات التضييق على الصحافيين التي طاولت هذه المرة مدونين وأكاديميين وحقوقيين، إضافة إلى حظر أكثر من ربع مليون موقع على الإنترنت.
ورغم إطلاق خمس إذاعات خاصة، وصدور صحيفة «الشرق»، بقي الخطاب الإعلامي غارقاً في تقليدية مرعبة، مما دفع بالجمهور إلى اللجوء إلى وسائل الإعلام الحديث.
وفي ظل كل هذه الرقابة القمع، لا بدّ من التوقّف عند حدث بارز شهدته قناة «الجزيرة» في قطر بعد استقالة (أو إقالة) مديرها العام وضاح خنفر.
وعند الحديث عن المشهد الإعلامي الخليجي، تبرز قضية صحيفة «الوسط» البحرينية التي حاولت السلطات تدجينها مع إنطلاق الانتفاضة. وقد قتل مؤسس الصحيفة عبد الكريم فخراوي (49 عاماً) في نيسان (أبريل) الماضي تحت التعذيب. وفي البحرين أيضاً، ورغم عمليات القتل والتعذيب التي يتعرّض لها المواطنون، أعلن الوليد بن طلال أمس عن نقل شركة «روتانا» وقناته الإخبارية الجديدة الى المنامة في خطوة إضافية تهدف إلى دعم السعودية لحكومة البحرين إقتصادياً وسياسياً.