خلال آذار (مارس) الماضي، ومباشرة على القناة الثانية (دوزيم) طالب الحقوقي المغربي، عبد الحميد أمين، بإلغاء البروتوكول الملكي وطقس تقبيل يد الملك. فاجأ كلام أمين المشاهدين لأنه خرج على قناة حكومية، لكنه في الوقت نفسه كشف عن انفتاح بدأ يشهده الإعلام الرسمي.هبّت رياح التغيير العربية على المغرب، فبدأت «حركة 20 فبراير» بتنظيم تظاهرات مطالبة بإصلاحات سياسية، ما دفع السلطة إلى محاولة استيعاب ما يجري على الأرض. هكذا أطلّ ناشطون في الحركة على القنوات الرسمية.

لكنّ هذا الانفتاح كان مجرد سحابة صيف عابرة لاتقاء حرارة الشارع. تراجعت القنوات بعد أشهر عن خطها «المحايد»، وخصوصاً في حملة الترويج للتعديل الدستوري والانتخابات التشريعية (النيابية). وأُسكتت جميع الأصوات الداعية إلى مقاطعة الدستور والانتخابات.
لكن هذا الحضور السريع لشباب «20 فبراير» على الشاشة جعل النقاش داخل القنوات المغربية نقدياً وأكثر جرأة. كذلك كان له تأثير على الحركة النقابية داخل التلفزيون الرسمي، فأقيمت الإضرابات المطالبة بتحسين أوضاع الصحافيين المالية وتغيير الخط التحريري المتحجّر للإعلام الحكومي.
وبعيداً عن الإعلام المرئي، شهدت الشبكة العنكبوتية فورة للمواقع الإخبارية. ظهرت مواقع كثيرة كـ«لكم»، و«كود» و«دومان أونلاين». ويقف خلف هذه التجارب صحافيون عملوا سابقاً في مطبوعات ورقية مهمة اضطرت إلى الإقفال نتيجة الضغط المالي والإعلاني. وفرضت هذه المواقع نفسها بديلاً للصحافة الورقية لتصبح أول مصدر للأخبار في المغرب.
وشهد هذا العام أيضاً تقلّصاً للتنوع في الإعلام المكتوبة، ما عُدّ نتيجة طبيعية للتضييق على الصحافة في السنتَين الأخيرتَين. أما الحدث الأبرز، فكان اعتقال أحد أشهر كتّاب الأعمدة في المغرب ومؤسس يومية «المساء» رشيد نيني. مدير الجريدة الأكثر انتشاراً اعتقل في أيار (مايو) على خلفية عدد من المقالات انتقد فيها عمل أجهزة الاستخبارات، فحكم عليه بالسجن لمدة سنة. كذلك شهد العام تنقيح التعديل الدستوري الجديد المتعلّق بحرية الصحافة، ما أعاد إلى الواجهة الحديث عن إمكان إنشاء «المجلس الأعلى للصحافة».
وفي نتيجة مباشرة لفوز حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي في الانتخابات، ظهرت تغييرات جذرية في «القناة الثانية» التي اشتهرت بقربها من «حداثيي المملكة» وكانت تمنع ارتداء مذيعاتها للحجاب. لكن ليلة الانتخابات (25 تشرين الثاني/ نوفمبر) أطلّت على الهواء مراسلتان تضعان غطاء الرأس، في إشارة واضحة إلى أن «دوزيم» بدأت تنفتح على إسلاميي المملكة.