لم يتوقّع مجلس أمناء مدرسة «انترناشيونال كولدج» (IC) يوماً أن يصطدم بلجنة أهل تدقّق في أرقام الموازنة، وترفض «زيادة غير مبررة» على الأقساط، وترفع دعوى على المدرسة أمام المجلس التحكيمي التربوي. فمنذ تأسيس الفرع الرئيسي للمدرسة في رأس بيروت قبل 130 عاماً، اعتاد المجلس على لجان أهل «تبصم» على الموازنات المدرسية السنوية بلا أي نقاش للواردات والمصاريف، ومن دون تدقيق بما إذا كانت تنطوي على تضخيم أو مبالغة.بحسب رئيس المدرسة دون برغمان، السلوك ضد الزيادة على أقساط العام الدراسي 2017 ــــ 2018 غير مفهوم، «إذ كيف كانت الأرقام مقبولة في السنوات السابقة ولم تعد مقبولة اليوم، إذا كان الفارق الوحيد بين موازنة العام الماضي والموازنات التي سبقتها هو الزيادة المتعلقة بتغطية حقوق المعلمين في قانون سلسلة الرتب والرواتب، وهي وظفت بنسبة 100% لهذا الغرض؟». وبالتالي، فإن للاعتراض، كما يرى برغمان، تفسيراً واحداً، هو أن «الأهالي يواجهون قانون السلسلة وليس إدارة المدرسة»!
إدارة المدرسة لم تكتف بالاستغراب، بل لجأت إلى «التهديد المستتر» بإقفال فرع عين عار، في حال لم تسقط لجنة الأهل الدعوى القضائية أمام المجلس التحكيمي. فقد وجّه مجلس الأمناء، في 7 تشرين الثاني الجاري، كتاباً إلى مصلحة التعليم الخاص في وزارة التربية يطلب إعلامه بالشروط والإجراءات التي يجب على المدرسة اتخاذها مسبقاً، إذا قررت إقفال أبوابها نهائياً في أواخر العام الدراسي 2018 ــــ 2019. مصادر الأهالي تتساءل إذا ما كانت هناك نية جدية بالإقفال، فلماذا تنشر المدرسة هذا الإعلان عشية انتخاب لجنة أهل جديدة تجري مرحلتها الثانية غداً؟
برغمان نفى لـ«الأخبار» أن يكون التوقيت مقصوداً، مؤكداً أن «لا علاقة بين الاستفسار عن الإجراءات والانتخابات. فالخطوة أتت ببساطة نتيجة مناقشات مجلس الأمناء الذي عقد اجتماعه الأول، في تشرين الأول الماضي، بعد رفع الدعوى القضائية ضد المدرسة. وكان من الطبيعي أن يناقش هذه الدعوى، إذ أنّ المجلس استثمر في عين عار ليحترم التزامه تجاه الطلاب الذين لم يتمكنوا من الوصول إلى رأس بيروت خلال الحرب الأهلية، وليس من أجل أي منفعة مادية. لكن إذا كان الأهالي يرغبون في مواصلة الاعتراضات القانونية وتشويه سمعة المدرسة، فسيحترم قرارهم ويتصرف وفقاً لذلك. حتى الآن ليس هناك قرار، وإن كان المجلس يحتفظ بحقه بابقاء المدرسة أو إقفالها».
برغمان بدا مقتنعاً بأن الدعوى يجب أن تسقط مع كتاب وزير التربية مروان حمادة إلى المجلس التحكيمي والذي يطلب فيه شطبها، «بعدما تبين بنتيجة التدقيق الذي أجرته وزارة التربية استناداً إلى المادة 13 من القانون 515 أنّ الموازنة مستوفاة للشروط المطلوبة من ناحية النسب التي لم تتجاوز ما هو محدد بالقانون إن لجهة الرواتب أو من ناحية المصاريف التشغيلية». لكن الأهالي وصفوا الكتاب بغير القانوني، «فتوقيع لجنة الأهل على الموازنة هو أحد البنود الثلاثة المطلوبة قانوناً لقبولها إلى جانب النسب وموعد التسليم، وعدم التوقيع يعني تحويل الاعتراض تلقائياً إلى المجلس التحكيمي».
وكان الأهالي قد تلقوا أكثر من رسالة الكترونية، في غضون الأسابيع القليلة الماضية، حذرت مما سمته المدرسة «اضطرابات ستضع مستقبل فرع عين عار في خطر، والسبب أنّ الدعاوى غير المبررة وغير المنطقية استغرقت وقتاً وجهداً وأبعدتنا عن مهمتنا الأساسية: تعليم طلابنا ورفاهيتهم». الرسائل استغربت «الحديث عن تهديد مستتر، فالمجلس يتصرف بمسؤولية وشفافية كاملة باعتبار أنّ المدرسة ليست حلبة سياسية. فالإدارة ليست العدو، أو أنها ليست الحكومة ولجنة الأهل هي المعارضة. وليس من المفترض أن نكون على طرفي نقيض، ولكن فريق واحد يعمل معاً لصالح طلابنا. وهذا هو الهدف الأساسي الذي سنعمل عليه أياً كان الممثلون الجدد للأهالي».
لكن هناك من يشير الى أن إدارة المدرسة تدعم إحدى اللوائح التي تعهد أعضاؤها بسحب الدعوى القضائية وبعدم السماح بإقفال المدرسة إذا فازوا في الانتخابات؟ يؤكّد برغمان «أننا نقف على الحياد من اللوائح الثلاث ولا ندعم أحداً ولا يحق لنا ذلك أصلاً، لكن شرطنا الوحيد أن يحتضن المنتخبون رسالة المدرسة ويكونوا شركاء لها». ورفض برغمان التعليق على ما سمّاه «شائعات» رافقت الاستحقاق منها امكان بيع المدرسة لسياسيين أو متمولين. علماً أن مجلس الأمناء، في رسالته الالكترونية الأخيرة، أشار الى أن أحد أعضاء لجنة الاهل الحالية ابلغ المدرسة أنه يعرف أحداً يرغب بشراء فرع عين عار، سائلا الاهالي ما «اذا كان مثل هذا الشخص يعمل لمصلحتهم ام لمصلحته الشخصية؟».
مواجهة الأهالي مع الإدارة بدأت برسالة وجهتها اليهم، في آذار الماضي، واستفزت الكثيرين، لكونها هددتهم بطرد أبنائهم إذا لم يدفعوا الزيادة على الأقساط، فلجأ بعضهم إلى القضاء المستعجل، واستحصلوا على قرار بتجميد الزيادة ومنع استخدام التلامذة في النزاع. إلاّ أنهم عادوا ودفعوا الزيادة بعد «تسوية حبية»، فيما احتفظت لجنة الأهل بحقها بمقاضاة المدرسة أمام المجلس التحكيمي، و«الحصول على تبريرات لأرقام الواردات والمصاريف، بعدما بات معدل الأقساط يلامس 16 مليوناً و700 ألف ليرة! فيما وصلت أرباح المدرسة بفرعيها في إحدى السنوات إلى 12 مليون دولار!».
مدير المدرسة: من لا يريد أن يلتزم بقوانين المدرسة فليبحث عن مدرسة تناسبه!


وعلى خط مواز، استعانت لجنة الأهل بخبير محاسبة محلف للتدقيق بما تيسر لها من مستندات، وتبين، بحسب التقرير، أنّ «الأرقام غير دقيقة ومضخمة، والمصاريف غير مبررة، فضلاً عن زيادات غير مفهومة على أرقام الموازنات السابقة».
من جهته، جزم برغمان بـ«أن المدرسة لا تبغي الربح، إذ أنّ 74 % من موازنتها تذهب لرواتب الأساتذة والموظفين والحوافز، في حين أنّ التجديد والتطوير يعتمدان على موازنة مستقلة قائمة على التبرعات من الأشخاص والمؤسسات، وهؤلاء يشترطون استثمار أموالهم في مشاريع يحددونها هم». وهو بذلك ردّ على اعتراض الأهالي على تحسين حرم رأس بيروت وإهمال عين عار، «إذ لم يجر استحداث أي مبنى طيلة سنوات طويلة». برغمان تحدث عن خريطة أولويات، «فمن المنطقي أن نجدد مباني عمرها 100 عام حيث الصفوف ضيقة ولا تتناسب مع المتطلبات الحديثة للتعليم، قبل مبان أخرى لا يتجاوز عمرها 30 عاماً وصفوفها أكبر». وكانت لافتة إشارته الى أنّ «لدينا 400 تلميذ على لائحة الانتظار، ومن لا يريد أن يلتزم بقوانين المدرسة، ويشعر أن ما يدفعه أكثر من قيمة ما يأخذه، فليبحث عن مدرسة تناسبه، فنحن في النهاية مدرسة خاصة»، مشيراً إلى أنّ «هناك 5 عائلات فقط لم تدفع الزيادة ومع ذلك لم نصرف أياً من أولادها».