أمس، منح وزير التربية، عباس الحلبي «وسام المعارف من الدرجة الأولى المُذَهَّب» لثلاثة موظفين في الوزارة هم المدير العام للتعليم العالي بالتكليف مازن الخطيب، مديرة مصلحة الشؤون الثقافية في وزارة التربية صونيا خوري، رئيس دائرة التعليم الرسمي هادي زلزلي والموظف في المركز التربوي للبحوث والإنماء أكرم سابق. قبل ذلك، قلّد الوزير مديرة الإرشاد والتوجيه، هيلدا الخوري، الوسام نفسه، في حفل أقيم في الوزارة في 31 تشرين الأول الماضي.ما هو هذا الوسام؟ ومن يمنحه؟ ولمن يمنحه؟ ولقاء ماذا؟ وبناءً على أي معايير؟ وهل دُرست السيَر الذاتية للمكرّمين، وما إن كانت عليهم عقوبات مثلاً في التفتيش المركزي أو دعاوى قضائية؟ وهل جرى التدقيق في مدى استفادة المكرّمين مالياً، إضافة إلى رواتبهم، مقابل القيام بواجباتهم الوظيفية؟
أسئلة تُطرح، إذ غالباً ما تصدر الوزارة قراراتها من دون تبرير، أو اكتمال الشروط، تحت حجة «مقتضيات المصلحة العامة»، كما يحصل في مناقلات الأساتذة مثلاً.
وبالتالي، كيف يمكن توزيع أوسمة في وزارة التربية، فيما هي عاجزة عن فتح المدارس الرسمية وتأمين وصول أساتذتها إلى الصفوف، وتتعاطى معهم فوق هذا وذاك بالتهديد والوعيد والاستجوابات والعقوبات؟

وسام لعمل مدفوع الأجر!
بحسب بعض مواد نظام الأوسمة الصادر بالمرسوم الاشتراعي 122 بتاريخ 12/6/1959، وسام المعارف هو «تقدير، الغاية منه، مكافأة خدمات جليلة أُديت في حقل التعليم في لبنان. ويُمنح الوسام بمرسوم بناءً على اقتراح الوزير المختصّ، وتُبين في المرسوم أسباب منح الوسام أو الترفيع».
يشير الموظف في المركز التربوي للبحوث والإنماء أكرم سابق في اتصال مع «الأخبار» إلى أنه استحق الوسام نظراً إلى الدور الذي لعبه في «تنسيق إعداد 10 أطر مرجعية خاصة بمواصفات المدير والناظر وأمين المكتبة والاعتماد الأكاديمي وغيرها». وهنا يُطرح السؤال: هل وُزّعت هذه الأطر على المدارس؟ وهل سمع بها المديرون؟ وهل نعلم ما هو أثرها على المدرسة الرسمية وعلى مستوى الإدارة والحَوكمة؟ وهل مشكلة الإدارة فعلاً هي عدم وجود أطر مرجعية؟ وهل يمكن الإطار أن يُطبق؟، وهل الإطار المرجعي يمكن أن يمنع طرفاً سياسياً من تعيين المدير المحسوب عليه؟ وهل يحاسب الإطار مديراً لم يقم بمَهامه؟
الأطر المرجعية هي مجرد منشورات صادرة عن المركز التربوي، لا يمكن في أي حال من الأحوال اعتبارها إنجازاً، ويصعب في الحد الأدنى، قياس أثرها التربوي، فيما نال كل من شارك في إعدادها وتنسيقها أتعابه منها. «الأخبار» علمت أن هذا المشروع مثلاً كلّف الخزينة العامة نحو 100 ألف دولار، وأن سابق نفسه تقاضى 9 آلاف عليه، وليس واضحاً في العقد الأساسي ما إن كانت هناك مبالغ أخرى صُرفت له. سابق هو مدير دار المعلمين في حاصبيا، ورئيس قسم الإدارة التربوية بالتكليف في المركز التربوي، ومنسّق لجنة الصياغة في الإطار لمناهج التعليم العام ما قبل الجامعي، وعضو في لجان اختيار المديرين في وزارة التربية، فما هي علاقة إعطائه هذه المهام بانتمائه السياسي وكم يستفيد مالياً منها؟

... أو لقيام الموظف بعمله
أما بالنسبة إلى صونيا خوري، التي جرى استدعاؤها أكثر من مرة من القضاء للتحقيق في ملف اللاجئين السوريين، فقد تولّت في وقت من الأوقات مسؤولية وحدة التعليم الشامل المعنية بتعليم اللاجئين السوريين، فماذا كانت الإنجازات الحقيقية لهذه الوحدة سوى تأمين مقاعد دراسية للتلامذة اللاجئين، وهل نعلم فعلاً ماذا يتعلم هؤلاء؟
المكرّمون موزّعون على الطوائف على قاعدة 6 و6 مكرّر


ماذا عن الخطيب، هل وقف في وجه منح التراخيص العشوائية للجامعات؟ وهل أقفل مجلسه عشرات الجامعات - الدكاكين والفروع والاختصاصات غير المرخّصة، وغرَّم الجامعات المخالفة؟ وماذا حصل في ملف تزوير بعض الجامعات للشهادات والدعاوى القضائية التي رُفعت في هذا الشأن؟ وماذا عن مصير الشهادات للطلاب العراقيين؟
ثم ما هي القيمة المضافة التي قدّمها زلزلي للتربية خارج مهماته الوظيفية، ومشاركته في لجان في الوزارة تقاضى عليها أتعابه؟ وهل ما قامت به هيلدا خوري، وهي عضو في عدّة لجان منها المناهج والامتحانات تقاضت بدلات عن مشاركتها بها، أثناء انتشار جائحة كورونا فوق الطبيعة والمألوف؟
في كلّ الأحوال، هي أوسمة التسويات السياسية ـ التربوية، فالمكرّمون موزَّعون على قاعدة 6 و6 مكرر. وتبقى المفارقة أن الأبحاث التربوية الجدّية تُكرِّمها المنظمات الدولية، في حين تُمنَح الأوسمة الوطنية للدراسات ـ التلزيمات.