عشية الجلسة المرتقبة لمجلس الوزراء، مطلع الأسبوع المقبل، خرجت المدرسة الخاصة عن صمتها ووجهت إنذاراً إلى الدولة بالإقفال ما لم تشملها الحلول الحكومية المخصّصة للقطاع التربوي. فالأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية، التي تنسّق مع باقي مكوّنات اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة، أعطت فرصة مدرسية من 8 شباط ولغاية 15 منه تنفيساً للاحتقان في صفوف أفراد الهيئة التعليمية، وتخفيفاً عن كاهل الأهل والمؤسسات، فيما أوصت نقابة المعلمين الجمعيات العمومية المقرّر عقدها الإثنين المقبل، بالموافقة على تنفيذ الإضراب التحذيري، الأربعاء في الأول من شباط المقبل.
مدارس متعثرة!
لا تُحسد المدرسة الخاصة على وضعها الحالي، عامها الدراسي مهدّد جدياً تماماً كما المدرسة الرسمية. المعلمون باتوا عاجزين عن الوصول إلى مدارسهم والاستمرار في أداء مهمتهم، وغير قادرين على توفير مستلزمات المعيشة في حدّها الأدنى، وتحمّل المزيد من التسوّل على أبواب المصارف. بدورهم، لا يقوى الأهل، المصدر الأساسي لتمويل المدرسة، على بذل المزيد من التضحيات، بعدما دفعوا، بداية هذا العام، زيادات خيالية على الأقساط، بالدولار الأميركي، وتبشّرهم المدارس اليوم بإعداد موازنات مدرسية مسبقة للعام الدراسي المقبل (2023 ـ 2024) تحدّد بموجبها قيمة الأقساط المدرسية بالعملات الصعبة، ويتم على أساسها فتح باب التسجيل للعام الدراسي المقبل.
مع ذلك، لا ينكر هؤلاء أن هناك مدارس متعثرة وعاجزة عن تأمين مصاريفها التشغيلية، نتيجة الارتفاع الجنوني في سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، والغلاء الفاحش لأسعار المحروقات. وبناء عليه، سيكون الموقف، كما تقول رئيسة اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة، لمى الطويل، تفهّم هذه المدارس وعدم الوقوف عائقاً في وجهها. أما من يَثبت للاتحاد أنه راكم الأرباح على حساب الأهل، «فسنكون له بالمرصاد». وحمّلت الطويل وزارة التربية مسؤولية تطبيق تعميم الوزير عباس الحلبي بإدخال كلّ الزيادات على الأقساط ضمن الموازنة المدرسية، داعية المدارس إلى الموافقة على الخضوع للتدقيق المالي المنصوص عنه في المادة 13 من القانون 515.

العام الدراسي في خطر
«كلّ مكونات الأسرة التربوية منهكة»، هذا ما يقوله الأمين العام للمدارس الكاثوليكية، يوسف نصر، لـ«الأخبار»، مشيراً إلى أن «صرختنا موجهة إلى كلّ المسؤولين لشمول المدرسة الخاصة بحلول القطاع التربوي». ويسأل: «هل المطروح الإقفال التام للمدرسة الخاصة؟»، موضحاً أن العطلة المقررة ليست سوى إنذار بأن العام الدراسي في خطر، ومهدّد فعلاً، وبأنه على السلطة السياسية أن لا تراهن على استمرار التعليم من دون تقديم الدعم والمساندة المطلوبة، وللتخفيف من الضغط عن كاهل المعلمين والمؤسسات، لا سيما المدارس شبه المجانية التي يصل عددها إلى 100 مدرسة، والمدارس الواقعة في القرى والأرياف.
ولفت نصر إلى أنه تشاور مع عدد من المؤسسات الأعضاء في الاتحاد، ولمس منها تأييداً لخطوة الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية بالإقفال القسري، مؤكداً أن الجميع يخافون الأسوأ ولن يقفوا مكتوفي الأيدي.

نحو الإضراب؟
بالنسبة إلى رئيس نقابة المعلمين في المدارس الخاصة نعمه محفوض، حلّ أزمة المعلمين هو في مجلس النواب لجهة تعديل قانون الموازنة العامة للعام 2022 وليس في مجلس الوزراء، فقد سبق أن سلمت النقابة رئيس المجلس النيابي نبيه بري اقتراحَيْ قانوني وحدة التشريع ودعم صندوق التقاعد، وجرى تسجيلهما في قلم المجلس. مع ذلك، لا يتردّد محفوض في القول إن معلّمي المدارس الخاصة هم جزء من الشعب اللبناني وينتظرون، كما باقي مكوّناته، التفاتة من الدولة إليهم، بعدما تجاوزت الأزمة المعيشية كلّ الخطوط الحمراء. لكنه قال إن أقصى ما يمكن أن يفعله مجلس الوزراء هو زيادة بدل النقل، وهو عاجز عن منح أي حوافز أخرى.
حلّ أزمة معلّمي المدارس الخاصة في مجلس النواب وليس في مجلس الوزراء

لكن النقيب يذكر أصحاب المؤسسات التربوية الخاصة بالاتفاق «الحبي» الذي أبرمته معهم، والذي لم تنفذه غالبية الإدارات المدرسية حتى الآن، ويقضي بضرب رواتب المعلمين بثلاثة وإعطائهم منحة بالدولار الأميركي أو ما سمي بـ«فاتورة الكهرباء»، ورفع نسبة مساهمة المدرسة في صندوق التعويضات من 6 % إلى 8 % لتعزيز وضع المتقاعدين. وسخر محفوض مما قالته إحدى المديرات لأحد المعلمين إن راتبه لا يتجاوز قانوناً المليون و550 ألف ليرة، سائلاً ما إذا كانت هناك قوانين في جهنم. محفوض أشار إلى أن «حجم المشاركة في الجمعيات العمومية التي ستناقش إضراب الأربعاء سوف يكون مؤشراً للانطلاق في خطوات تصعيدية مقبلة، فالمجلس التنفيذي للنقابة لا يستطيع وحده خوض الإضراب، والمطلوب تجاوب القواعد». في مجال آخر، رأى أن تصريحات المسؤولين بشأن دعم المدرسة الرسمية لا يتجاوز الكلام الشعبوي السياسي، بدليل أن زملاءنا متروكون لمصيرهم منذ أربع سنوات.