يقول خبراء اقتصاديون إن الخفض الحاد لدعم الوقود الذي أجرته مصر هذا الأسبوع، في إطار «برنامج للإصلاح الاقتصادي» يدعمه صندوق النقد الدولي، هو مغامرة تأمل القاهرة بأن تساهم في استقرار الاقتصاد وجذب استثمارات للقطاع الخاص، وهو ما يؤدي في نهاية المطاف، بنظرها، إلى ارتفاع مستويات المعيشة. لكن هناك أخطاراً بأن ثمار «الإصلاح» قد تأتي بخطى بطيئة، فيما يخشى بعض الخبراء الاقتصاديين من أن إجراءات التقشف الأخيرة التي أغضبت المصريين، قد تثير أيضاً زيادة في التضخم تقلص الاستهلاك وتؤجل تعافياً سريعاً وتردع مستثمرين محتملين.ورفعت الحكومة يوم السبت الماضي أسعار مجموعة واسعة من منتجات الوقود المدعوم، من بينها البنزين والديزل والسولار والغاز الطبيعي، وهو ما تسبب في صعود فوري للأسعار. وقبل ذلك بأربعة أيام فقط رفعت مصر التي وصلت إلى منتصف الطريق في برنامج لصندوق النقد الدولي مدته ثلاث سنوات، أسعار الكهرباء بنحو 26 في المئة في المتوسط. وفي الثاني من حزيران الجاري زادت مصر أسعار مياه الشرب بنسبة 46.5 في المئة، بعدما رفعت في العاشر من أيار أسعار تذاكر مترو الأنفاق بما يصل إلى 350 في المئة.
وقال الخبير الاقتصادي لدى المجموعة المالية «هيرميس» في القاهرة محمد أبو باشا، في حديث إلى «رويترز»، إنّ تنفيذ «إصلاحات كثيرة» دفعة واحدة ربما يخفق في إنعاش سريع للاقتصاد المنهك. وتابع قائلاً: «في العادة إنّ عامل الخطر في ضبط وترسيخ المالية العامة يتمثل في أنك تدخل فترة يتوقف فيها النمو. فأنت تنفذ الكثير من الإصلاحات لكنها تؤثر بشدة في قدرة الاقتصاد على النمو».
على رغم السخط الشعبي، فقد أشاد خبراء اقتصاديون بحكومة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بـ«إصلاحات طال انتظارها». وفي حديث إلى «رويترز»، قال هاني فرحات، وهو كبير الخبراء الاقتصاديين لدى بنك الاستثمار المصري «سي آي كابيتال»: «بشكل عام فإن الإجراءات التقشفية التي تطبق الآن، وأياً كانت صعوبتها، ستضع أساساً قوياً جداً لنمو يقوده القطاع الخاص على مدى السنوات الخمس المقبلة». وأضاف أنّ القاهرة كانت في حاجة إلى اتخاذ «إجراءات تصحيحية بعد تراخ مالي وإنفاق مفرط وعدم استقرار نقدي»، وهو ما اتسمت به السنوات التي سبقت الاتفاق مع صندوق النقد الدولي. واعتبر فرحات أنّ «المستثمر لن يأتي إلى مصر إذا كانت هناك أخطار لإنفاق زائد أو اقتراض زائد، وهو ما قد يسبب ضغوطاً لخفض قيمة العملة ونزوح لرؤوس الأموال»، مضيفاً أنّه «قبل برنامج صندوق النقد الدولي، هم كانوا يطبعون النقود، أما الآن، مع تنفيذ البرنامج، فإنّ هذا توقف بالتأكيد».