القاهرة | يواصل الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، زيارته لنيويورك التي تستمر 6 أيام يلتقي خلالها عدداً من قادة العالم على هامش ترؤسه وفد مصر في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وكما تنقل مصادر مطلعة، يسعى السيسي - ضمن اللقاءات المنفردة مع نظيره الأميركي دونالد ترامب، والفلسطيني محمود عباس، والفرنسي إيمانويل ماكرون، إضافة إلى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والملك الأردني، عبد الله الثاني، وليس أخيراً رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو - إلى التوصل إلى صيغة بشأن قضية «السلام» في الشرق الأوسط، واتفاقات تخص «الهجرة غير الشرعية».فبينما يحرص الرجل على تجنب التطرق إلى الأزمة السورية أو الحرب على اليمن، يسعى إلى الحفاظ على مكانته كـ«عراب للسلام» في المنطقة، والموقع الذي تريده القاهرة في هذا الملف. وهو في ذلك قدّم مقترحات «مسبقة» إلى وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، وكذلك عبد الله الثاني، لكنه اضطر إلى إجراءات تعديلات على الصياغات التي أعدها وزير المخابرات العامة اللواء عباس كامل. وفق المعلومات، تقترح مصر صيغة تتضمن التغاضي عن الاعتراف الأميركي بالقدس «عاصمة لإسرائيل»، وتُبقي التعامل مع «القدس الشرقية عاصمة فلسطين»، ثم الانطلاق للتفاوض على نقاط عدة من بينها التزام الجانب الفلسطيني «إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في غضون عام من الآن» بعد إحداث توافق بين السلطة وحركة «حماس»، مقابل التزام الولايات المتحدة العدول عن قرارها بشأن وقف تمويل «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين» (الأونرو).
يرتب شكري للقاء بين السيسي ونتنياهو وآخر مع الملك الأردني


صحيح أن هذا المقترح بالصيغة المعروضة تضمن تعديلات أردنية، لكن المسوّدة الأخيرة لم تحسم، خاصة أن بومبيو شكك في «قدرة الفلسطينيين على إجراء الانتخابات في غضون عام واحد»، وهو ما ردّ عليه اللواء كامل بالتأكيد أنه إذا حصل على مواقف جدية من الأميركيين والإسرائيليين، يستطيع أن يضمن تغييراً فلسطينياً، بالاستناد إلى التسهيلات التي تقدمها بلاده إلى غزة. وتفيد مصادر مطلعة بأن خطوات الرئيس المصري «تحظى بدعم خليجي وجرت مناقشات سرية بشأنها»، مضيفة أنّ من الممكن أن يعقد لقاء قريب في شرم الشيخ بشأنها، لكن بعد تحديد الأميركيين موقفهم النهائي. أما عن اللقاء المرتقب بين نتنياهو والسيسي، فيواصل وزير الخارجية المصري، سامح شكري، الترتيبات اللازمة، وهو لقاء سبق أن عقد مثيل له في المكان نفسه والظروف عينها، ويمكن أن يتبعه لقاء آخر مع الملك الأردني.
بجانب «السلام»، سيطرح السيسي قضية ثانية على الرؤساء الأوروبيين، هي ملف «الهجرة غير الشرعية»، مقترحاً تحويل ليبيا إلى «مكان مناسب من أجل إنشاء مخيمات اللاجئين»، لكن بعد دعم سلطة المشير خليفة حفتر، والتوافق على جدول زمني «واقعي» تلتزمه جميع الأطراف في ما يتعلق بتوحيد السلطة ودعم الجيش الليبي عسكرياً، كذلك سيجدد الطلب المصري برفع الحظر عن تصدير السلاح إلى الجيش المشرف عليه حفتر. وطبقاً للمعلومات، سيعرض السيسي على ميركل اختيار موقع من أصل ثلاثة آمنة في ليبيا حالياً وتخضع لإدارة حفتر لإنشاء المخيمات الكبيرة فيها، كي يعاد اللاجئون الذين يصلون بمراكب غير شرعية إليها بدلاً من الاضطرار إلى استقبالهم في أوروبا، أولاً على أن تساهم قوات مصرية في عملية التأمين خلال المراحل الأولى، وأن يخضع المخيم لإدارة مشتركة بين الأوروبيين والقاهرة وحفتر.
ويتضمن هذا العرض أيضاً مناقشات حول الطريقة المثلى للتعامل مع الجيش الليبي الذي يطالب بمنحه أسلحة تمكنه من تأمين المخيم، وذلك تحت قاعدة إغراءات، منها أن هذا المشروع سيساهم كثيراً في السيطرة على رحلات «الهجرة غير الشرعية»، وسيدعم ميركل في موقفها داخل الاتحاد الأوروبي، على أن يناقش المقترح مع الرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء الإيطالي.
صحيح أن بعض اللقاءات لم تحصل بعد، لكن جدول أعمالها المبكر يشير إلى سعي السيسي لتأكيد دوره في الشرق الأوسط في ولايته الثانية، في وقت يستعد فيه لإبرام صفقات سلاح جديدة للجيش مع شركات أوروبية وأميركية. وكان ملاحظاً اختزال السيسي الوفد المرافق معه ليكون مركزاً على قضايا محددة، إذ اصطحب وزير الخارجية ومدير «المخابرات العامة» اللذين رافقاه في جميع الاجتماعات، مع مشاركة محدودة لوزير التجارة والصناعة في العشاء الدوري الذي تقيمه «غرفة العلاقات المصرية - الأميركية».